الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً } * { فَٱلْعَاصِفَاتِ عَصْفاً } * { وٱلنَّاشِرَاتِ نَشْراً } * { فَٱلْفَارِقَاتِ فَرْقاً } * { فَٱلْمُلْقِيَٰتِ ذِكْراً } * { عُذْراً أَوْ نُذْراً } * { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٌ } * { فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتْ } * { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ نُسِفَتْ } * { وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتْ } * { لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ } * { لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ } * { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلآخِرِينَ } * { كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } * { فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } * { إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ } * { فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ ٱلْقَادِرُونَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً } * { أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً } * { وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }

قوله { وَٱلْمُرْسَلَـٰتِ عُرْفاً } قال جمهور المفسرين هي الرياح. وقيل هي الملائكة، وبه قال مقاتل، وأبو صالح، والكلبي. وقيل هم الأنبياء، فعلى الأوّل أقسم سبحانه بالرياح المرسلة لما يأمرها به، كما في قولهوَأَرْسَلْنَا ٱلرّيَاحَ لَوَاقِحَ } الحجر 23 وقولهيُرْسِلُ ٱلرّيَاحَ } الروم 48 وغير ذلك. وعلى الثاني أقسم سبحانه بالملائكة المرسلة بوحيه وأمره ونهيه. وعلى الثالث أقسم سبحانه برسله المرسلة إلى عباده لتبليغ شرائعه، وانتصاب { عُرْفاً } إما على أنه مفعول لأجله، أي المرسلات لأجل العرف، وهو ضدّ النكر، ومنه قول الشاعر
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس   
أو على أنه حال بمعنى متتابعة يتبع بعضها بعضاً كعرف الفرس، تقول العرب سار الناس إلى فلان عرفاً واحداً إذا توجهوا إليه، وهم على فلان كعرف الضبع إذا تألبوا عليه، أو على أنه مصدر كأنه قال والمرسلات إرسالاً، أي متتابعة، أو على أنه منصوب بنزع الخافض، أي والمرسلات بالعرف. قرأ الجمهور { عرفاً } بسكون الراء. وقرأ عيسى بن عمر بضمها. وقيل المراد بالمرسلات السحاب لما فيها من نعمة ونقمة { فَٱلْعَـٰصِفَـٰتِ عَصْفاً } وهي الرياح الشديدة الهبوب. قال القرطبي بغير اختلاف يقال عصف بالشيء إذا أباده وأهلكه، وناقة عصوف، أي تعصف براكبها، فتمضي كأنها ريح في السرعة، ويقال عصفت الحرب بالقوم إذا ذهبت بهم. وقيل هي الملائكة الموكلون بالرياح يعصفون بها، وقيل يعصفون بروح الكافر. وقيل هي الآيات المهلكة كالزلازل، ونحوها { وٱلنَّـٰشِرٰتِ نَشْراً } يعني الرياح تأتي بالمطر، وهي تنشر السحاب نشراً، أو الملائكة الموكلون بالسحاب ينشرونها، أو ينشرون أجنحتهم في الجوّ عند النزول بالوحي، أو هي الأمطار لأنها تنشر النبات. وقال الضحاك يريد ما ينشر من الكتب وأعمال بني آدم. وقال الربيع إنه البعث للقيامة بنشر الأرواح، وجاء بالواو هنا لأنه استئناف قسم آخر { فَٱلْفَـٰرِقَـٰتِ فَرْقاً } يعني الملائكة تأتي بما يفرّق بين الحق والباطل. والحلال والحرام. وقال مجاهد هي الريح تفرق بين السحاب فتبدّده. وروي عنه أنها آيات القرآن تفرق بين الحق والباطل، وقيل هي الرسل فرقوا ما بين ما أمر الله به ونهى عنه، وبه قال الحسن { فَٱلْمُلْقِيَـٰتِ ذِكْراً } هي الملائكة. قال القرطبي بإجماع، أي تلقي الوحي إلى الأنبياء. وقيل هو جبريل، وسمي باسم الجمع تعظيماً له. وقيل هي الرسل يلقون إلى أممهم ما أنزل الله عليهم، قاله قطرب. قرأ الجمهور { فالملقيات } بسكون اللام، وتخفيف القاف اسم فاعل، وقرأ ابن عباس بفتح اللام، وتشديد القاف من التلقية وهي إيصال الكلام إلى المخاطب، والراجح أن الثلاثة الأول للرياح، والرابع والخامس للملائكة، وهو الذي اختاره الزجاج، والقاضي، وغيرهما. { عُذْراً أَوْ نُذْراً } انتصابهما على البدل من { ذكراً } ، أو على المفعولية، والعامل فيهما المصدر المنوّن، كما في قوله

السابقالتالي
2 3 4