الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } * { قُمْ فَأَنذِرْ } * { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } * { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } * { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } * { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } * { وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ } * { فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ } * { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } * { عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } * { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } * { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } * { وَبَنِينَ شُهُوداً } * { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } * { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } * { كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً } * { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } * { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } * { فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ نَظَرَ } * { ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } * { ثُمَّ أَدْبَرَ وَٱسْتَكْبَرَ } * { فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } * { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ } * { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ } * { لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ } * { لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ } * { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ }

قال الواحدي قال المفسرون لما بدىء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي أتاه جبريل، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرير بين السماء والأرض كالنور المتلأليء، ففزع ووقع مغشياً عليه، فلما أفاق دخل على خديجة، ودعا بماء، فصبه عليه، وقال «دثروني دثروني»، فدثروه بقطيفة، فقال { يأَيُّهَا ٱلْمُدَّثّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ } ومعنى { يأَيُّهَا ٱلْمُدَّثّرُ } يا أيها الذي قد تدثر بثيابه، أي تغشى بها، وأصله المتدثر، فأدغمت التاء في الدال لتجانسهما. وقد قرأ الجمهور بالإدغام، وقرأ أبي " المتدثر " على الأصل، والدثار هو ما يلبس فوق الشعار، والشعار هو الذي يلي الجسد، وقال عكرمة المعنى يا أيها المدثر بالنبوّة وأثقالها. قال ابن العربي وهذا مجاز بعيد لأنه لم يكن نبياً إذ ذاك { قُمْ فَأَنذِرْ } أي انهض فخوّف أهل مكة وحذرهم العذاب إن لم يسلموا، أو قم من مضجعك، أو قم قيام عزم وتصميم. وقيل الإنذار هنا هو إعلامهم بنبوّته. وقيل إعلامهم بالتوحيد. وقال الفراء المعنى قم فصلّ، وأمر بالصلاة { وَرَبَّكَ فَكَبّرْ } أي واختص سيدك ومالكك ومصلح أمورك بالتكبير، وهو وصفه سبحانه بالكبرياء والعظمة، وأنه أكبر من أن يكون له شريك كما يعتقده الكفار، وأعظم من أن يكون له صاحبة أو ولد. قال ابن العربي المراد به تكبير التقديس والتنزيه بخلع الأضداد والأنداد والأصنام، ولا يتخذ ولياً غيره ولا يعبد سواه، ولا يرى لغيره فعلاً إلاّ له ولا نعمة إلاّ منه. قال الزجاج إن الفاء في { فكبر } دخلت على معنى الجزاء، كما دخلت في { فأنذر }. وقال ابن جني هو كقولك زيداً فاضرب أي زيداً اضرب، فالفاء زائدة. { وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ } المراد بها الثياب الملبوسة على ما هو المعنى اللغوي، أمره الله سبحانه بتطهير ثيابه، وحفظها عن النجاسات، وإزالة ما وقع فيها منها. وقيل المراد بالثياب العمل. وقيل القلب. وقيل النفس. وقيل الجسم. وقيل الأهل. وقيل الدين. وقيل الأخلاق. قال مجاهد، وابن زيد، وأبو رزين، أي عملك فأصلح. وقال قتادة نفسك فطهّر من الذنب، والثياب عبارة عن النفس. وقال سعيد بن جبير قلبك فطهّر، ومن هذا قول امرىء القيس
فسلي ثيابي من ثيابك تنسل   
وقال عكرمة المعنى البسها على غير غدر وغير فجرة. وقال أما سمعت قول الشاعر
وإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع   
والشاعر هو غيلان بن سلمة الثقفي، ومن إطلاق الثياب على النفس قول عنترة
فشككت بالرمح الطويل ثيابه ليس الكريم على القنا بمحرم   
وقول الآخر
ثياب بني عوف طهارى نقية   
وقال الحسن، والقرظي إن المعنى، وأخلاقك فطهّر لأن خلق الإنسان مشتمل على أحواله اشتمال ثيابه على نفسه، ومنه قول الشاعر

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8