الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } * { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً } * { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } * { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } * { إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً } * { إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً } * { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً } * { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } * { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } * { وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } * { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً } * { وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً } * { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ وَكَانَتِ ٱلْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً } * { فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً } * { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً } * { ٱلسَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً }

قوله { يأَيُّهَا ٱلْمُزَّمّلُ } أصله المتزمل، فأدغمت التاء في الزاي، والتزمل التلفف في الثوب. قرأ الجمهور { المزمل } بالإدغام. وقرأ أبيّ " المتزمل " على الأصل. وقرأ عكرمة بتخفيف الزاي، ومثل هذه القراءة قول امرىء القيس
كأن ثبيرا في أفانين وبله كبير أناس في لحاد مزّمل   
وهذا الخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف في معناه، فقال جماعة إنه كان يتزمل صلى الله عليه وسلم بثيابه في أوّل ما جاءه جبريل بالوحي فرقاً منه حتى أنس به. وقيل المعنى يا أيها المزمل بالنبوّة، والملتزم للرسالة. وبهذا قال عكرمة وكان يقرأ " يا أيها المزمل " بتخفيف الزاي وفتح الميم مشدّدة اسم مفعول. وقيل المعنى يا أيها المزمل بالقرآن. وقال الضحاك تزمل بثيابه لمنامه. وقيل بلغه من المشركين سوء قول، فتزمل في ثيابه وتدثر، فنزلت { يأَيُّهَا ٱلْمُزَّمّلُ } و { يأَيُّهَا ٱلْمُدَّثّرُ } المدثر 1. وقد ثبت أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لما سمع صوت الملك، ونظر إليه أخذته الرعدة، فأتى أهله، وقال " زملوني دثروني " وكان خطابه صلى الله عليه وسلم بهذا الخطاب في أول نزول الوحي. ثم بعد ذلك خوطب بالنبوّة والرسالة { قُمِ ٱلَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً } أي قم للصلاة في الليل. قرأ الجمهور { قم } بكسر الميم لالتقاء الساكنين. وقرأ أبو السماك بضمها اتباعاً لضمة القاف. قال عثمان بن جني الغرض بهذه الحركة الهرب من التقاء الساكنين فبأيّ حركة تحرك فقد وقع الغرض. وانتصاب الليل على الظرفية. وقيل إن معنى { قم } صلّ، عبر به عنه واستعير له. واختلف هل كان هذا القيام الذي أمر به فرضاً عليه أو نفلاً؟ وسيأتي إن شاء الله ما روي في ذلك. وقوله { إِلاَّ قَلِيلاً } استثناء من الليل أي صلّ الليل كله إلاّ يسيراً منه، والقليل من الشيء هو ما دون النصف. وقيل ما دون السدس. وقيل ما دون العشر. وقال مقاتل، والكلبي المراد بالقليل هنا الثلث، وقد أغنانا عن هذا الاختلاف قوله { نّصْفَهُ } إلخ، وانتصاب { نصفه } على أنه بدل من الليل. قال الزجاج نصفه بدل من الليل، وإلاّ قليلاً استثناء من النصف، والضمير في منه وعليه عائد إلى النصف. والمعنى قم نصف الليل، أو انقص من النصف قليلاً إلى الثلث، أو زد عليه قليلاً إلى الثلثين، فكأنه قال قم ثلثي الليل أو نصفه أو ثلثه. وقيل إن نصفه بدل من قوله { قليلاً } فيكون المعنى قم الليل إلاّ نصفه، أو أقلّ من نصفه، أو أكثر من نصفه، قال الأخفش نصفه أي أو نصفه، كما يقال أعطه درهماً درهمين ثلاثة، يريد، أو درهمين، أو ثلاثة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8