الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } * { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } * { مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ } * { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } * { فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً } * { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً } * { وَنَرَاهُ قَرِيباً } * { يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ } * { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ } * { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } * { يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ } * { وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ } * { وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ } * { وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ } * { كَلاَّ إِنَّهَا لَظَىٰ } * { نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ } * { تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ } * { وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ }

قوله { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } قرأ الجمهور { سأل } بالهمزة، وقرأ نافع، وابن عامر، بغير همزة، فمن همز، فهو من السؤال وهي اللغة الفاشية، وهو إما مضمن معنى الدعاء، فلذلك عدّي بالباء، كما تقول دعوت كذا، والمعنى دعا داع على نفسه بعذاب واقع، ويجوز أن يكون على أصله، والباء بمعنى عن كقولهفَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً } الفرقان 59 ومن لم يهمز، فهو إما من باب التخفيف بقلب الهمزة ألفاً، فيكون معناها معنى قراءة من همز، أو يكون من السيلان، والمعنى سال وادٍ في جهنم، يقال له سائل، كما قال زيد بن ثابت. ويؤيده قراءة ابن عباس سال سيل وقيل إن سال بمعنى التمس، والمعنى التمس ملتمس عذاباً للكفار، فتكون الباء زائدة كقولهتَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ } المؤمنون 20 والوجه الأوّل هو الظاهر. وقال الأخفش يقال خرجنا نسأل عن فلان وبفلان. قال أبو عليّ الفارسي وإذا كان من السؤال، فأصله أن يتعدّى إلى مفعولين، ويجوز الاقتصار على أحدهما ويتعدى إليه بحرف الجر، وهذا السائل هو النضر بن الحارث حين قالٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ ٱلسَّمَاء أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } الأنفال 32 وهو ممن قتل يوم بدر صبراً. وقيل هو أبو جهل، وقيل هو الحارث بن النعمان الفهري، والأوّل أولى لما سيأتي. وقرأ أبيّ، وابن مسعود " سال سال " مثل مال مال على أن الأصل سائل، فحذفت العين تخفيفاً، كما قيل شاك في شائك السلاح. وقيل السائل هو نوح عليه السلام، سأل العذاب للكافرين، وقيل هو رسول الله دعا بالعقاب عليهم، وقوله { بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } يعني إما في الدنيا كيوم بدر، أو في الآخرة. وقوله { لِلْكَـٰفِرِينَ } صفة أخرى لعذاب أي كائن للكافرين، أو متعلق بواقع، واللام للعلة، أو يسأل على تضمينه معنى دعا، أو في محل رفع على تقدير هو للكافرين، أو تكون اللام بمعنى على، ويؤيده قراءة أبيّ " بعذاب واقع على الكافرين ". قال الفرّاء التقدير بعذاب للكافرين واقع بهم، فالواقع من نعت العذاب، وجملة { لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } صفة أخرى لعذاب، أو حال منه، أو مستأنفة، والمعنى أنه لا يدفع ذلك العذاب الواقع به أحد، وقوله { مِنَ ٱللَّهِ } متعلق بواقع أي واقع من جهته سبحانه، أو بدافع، أي ليس له دافع من جهته تعالى { ذِي ٱلْمَعَارِجِ } أي ذي الدرجات التي تصعد فيها الملائكة، وقال الكلبي هي السمٰوات، وسماها معارج لأن الملائكة تعرج فيها. وقيل المعارج مراتب نعم الله سبحانه على الخلق. وقيل المعارج العظمة. وقيل هي الغرف. وقرأ ابن مسعود " ذي المعاريج " بزيادة الياء، يقال معارج ومعاريج مثل مفاتح ومفاتيح.

السابقالتالي
2 3 4 5 6