الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

هذه الآية مشتملة على الإخبار من الله سبحانه بماله من الأسماء، على الجملة دون التفصيل، والحسنى تأنيث الأحسن، أي التي هي أحسن الأسماء لدلالتها على أحسن مسمى وأشرف مدلول، ثم أمرهم بأن يدعوه بها عند الحاجة، فإنه إذا دعي بأحسن أسمائه كان ذلك من أسباب الإجابة، وقد ثبت في الصحيح " إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة " وسيأتي، ويأتى أيضاً بيان عددها، آخر البحث إن شاء الله. قوله { وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِى أَسْمَـئِهِ } الإلحاد الميل وترك القصد. يقال لحد الرجل في الدين وألحد إذا مال، ومنه اللحد في القبر، لأنه في ناحية، وقرىء «يلحدون» وهما لغتان، والإلحاد في أسمائه سبحانه يكون على ثلاثة أوجه، إما بالتغيير كما فعله المشركون، فإنهم أخذوا اسم اللات من الله، والعزّى من العزيز، ومناة من المنان أو بالزيادة عليها بأن يخترعوا أسماء من عندهم لم يأذن الله بها، أو بالنقصان منها بأن يدعوه ببعضها دون بعض. ومعنى { وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ } أتركوهم ولا تحاجوهم، ولا تعرضوا لهم، وعلى هذا المعنى فالآية منسوخة بآيات القتال، وقيل معناه الوعيد كقوله تعالىذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } المدثر 11، وقولهذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ } الحجر 3 وهذا أولى لقوله { سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } فإنه وعيد لهم بنزول العقوبة، وتحذير للمسلمين أن يفعلوا كفعلهم. وقد ذكر مقاتل وغيره من المفسرين، أن هذه الآية نزلت في رجل من المسلمين كان يقول في صلاته يا رحمن يا رحيم، فقال رجل من المشركين أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون رباً واحداً فما بال هذا يدعو ربين اثنين؟ حكى ذلك القرطبي. وقد أخرج أحمد، والبخاري ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وأبو عوانة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن منده، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي، عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن لله تسعة وتسعين إسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة إنه وتريحب الوتر " وفي لفظ ابن مردويه وأبي نعيم «من دعا بها استجاب الله دعاءه» وزاد الترمذي في سننه بعد قوله " يحبّ الوتر " «هو الله الذي لا إله إلا هو الرّحمن الرّحيم، الملك، القدّوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارىء، المصوّر، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعزّ، المذلّ، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العليّ، الكبير، الحفيظ، المقيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الوليّ، الحميد، المحصى، المبدىء، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيوم، الواجد، الماجد، الأحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدّم، المؤخر، الأوّل، الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالى، البرّ، التوّاب، المنتقم، العفو، الرؤوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضارّ، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور».

السابقالتالي
2 3 4