الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَقَالَ مُوسَىٰ يٰفِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { حَقِيقٌ عَلَىٰ أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } * { وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } * { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } * { قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } * { يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ } * { وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْوۤاْ إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ } * { قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } * { قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحْنُ ٱلْمُلْقِينَ } * { قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّآ أَلْقَوْاْ سَحَرُوۤاْ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَآءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } * { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ } * { فَوَقَعَ ٱلْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَٱنقَلَبُواْ صَاغِرِينَ } * { وَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَاجِدِينَ } * { قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ }

قوله { ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ } أي من بعد نوح وهود وصالح ولوط وشعيب أي ثم أرسلنا موسى بعد إرسالنا لهؤلاء الرسل. وقيل الضمير في { مّن بَعْدِهِمْ } راجع إلى الأمم السابقة، أي من بعد إهلاكهم { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وملئه } فرعون هو لقب لكل من يملك أرض مصر بعد العمالقة. وملأ فرعون أشراف قومه، وتخصيصهم بالذكر مع عموم الرسالة لهم ولغيرهم، لأن من عداهم كالأتباع لهم. قوله { فَظَلَمُواْ بِهَا } أي كفروا بها. وأطلق الظلم على الكفر، لكون كفرهم بالآيات التي جاء بها موسى كان كفراً متبالغاً، لوجود ما يوجب الإيمان من المعجزات العظيمة التي جاءهم بها. والمراد بالآيات هنا هي الآيات التسع. أو معنى { فَظَلَمُواْ بِهَا } ظلموا الناس بسببها لما صدّوهم عن الإيمان بها، أو ظلموا أنفسهم بسببها { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } أي المكذبين بالآيات الكافرين بها، وجعلهم مفسدين، لأن تكذيبهم وكفرهم من أقبح أنواع الفساد. قوله { وَقَالَ مُوسَىٰ يٰفِرْعَوْنُ إِنّى رَسُولٌ مِن رَّبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } أخبره بأنه مرسل من الله إليه، وجعل ذلك عنواناً لكلامه معه، لأن من كان مرسلاً من جهة من هو رب العالمين أجمعين، فهو حقيق بالقبول لما جاء به، كما يقول من أرسله الملك في حاجة إلى رعيته أنا رسول الملك إليكم، ثم يحكي ما أرسل به فإن في ذلك من تربية المهابة، وإدخال الروعة، مالا يقادر قدره. قوله { حَقِيقٌ عَلَى أَن لا أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ } قرىء " حقيق عليّ أن لا أقول " أي واجب عليّ، ولازم لي، أن لا أقول فيما أبلغكم عن الله إلا القول الحق، وقرىء { حَقِيقٌ عَلَى أَن لا أَقُولَ } بدون ضمير في " على " قيل في توجيهه إن " على " معنى الباء، أي حقيق بأن لا أقول. ويؤيده قراءة أبيّ والأعمش، فإنهما قرآ «حقيق بأن لا أقول». وقيل إن { حَقِيقٌ } مضمن معنى حريص. وقيل إنه لما كان لازماً للحق، كان الحق لازماً له. فقول الحق حقيق عليه، وهو حقيق على قول الحق. وقيل إنه أغرق في وصف نفسه في ذلك المقام، حتى جعل نفسه حقيقة على قول الحق، كأنه وجب على الحق أن يكون موسى هو قائله. وقرأ عبد الله بن مسعود «حقيق أن لا أقول» بإسقاط " على " ، ومعناها واضح. ثم قال بعد هذا { قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيّنَةٍ مّن رَّبّكُمْ } أي بما يتبين به صدقي، وأني رسول من رب العالمين. وقد طوى هنا ذكر ما دار بينهما من المحاورة، كما في موضع آخر أنه قال فرعون

السابقالتالي
2 3 4 5 6