الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } * { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } * { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ } * { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ } * { وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ } * { يٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ } * { مَآ أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ } * { هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } * { خُذُوهُ فَغُلُّوهُ } * { ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ } * { ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ } * { إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } * { فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ } * { وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } * { لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ } * { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ } * { وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ } * { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } * { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ } * { وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } * { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ } * { لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } * { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } * { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } * { وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } * { وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

لما ذكر سبحانه العرض ذكر ما يكون فيه، فقال { فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ } أي أعطي كتابه الذي كتبته الحفظة عليه من أعماله { فَيَقُولُ هَاؤُمُ ٱقْرَؤُاْ كِتَـٰبيَهْ } يقول ذلك سروراً وابتهاجاً. قال ابن السكيت، والكسائي العرب تقول ها يا رجل، وللاثنين هاؤما يا رجلان، وللجمع هاؤم يا رجال. قيل والأصل هاؤكم، فأبدلت الهمزة من الكاف، قال ابن زيد ومعنى { هاؤم } تعالوا. وقال مقاتل هلم. وقيل خذوا والذي صرح به النحاة أنها بمعنى خذ، يقول ها بمعنى خذ، وهاؤما بمعنى خذا، وهاؤم بمعنى خذوا، فهي اسم فعل، وقد يكون فعلاً صريحاً لاتصال الضمائر البارزة المرفوعة بها، وفيها ثلاث لغات، كما هو معروف في علم الإعراب، وقوله { كِتَـٰبيَهْ } معمول لقوله { اقرءوا } لأنه أقرب الفعلين، ومعمول { هَاؤُمُ } محذوف يدل عليه معمول { اقرءوا } والتقدير هاؤم كتابيه اقرءوا كتابيه، والهاء في كتابيه وحسابيه وسلطانيه وماليه، هي هاء السكت. قرأ الجمهور في هذه بإثبات الهاء وقفاً ووصلاً مطابقة لرسم المصحف، ولولا ذلك لحذفت في الوصل، كما هو شأن هاء السكت، واختار أبو عبيد أن يتعمد الوقف عليها ليوافق اللغة في إلحاق الهاء في السكت، ويوافق الخط، يعني خط المصحف. قرأ ابن محيصن، وابن أبي إسحاق، وحميد، ومجاهد، والأعمش، ويعقوب بحذفها وصلاً، وإثباتها وقفاً في جميع هذه الألفاظ. ورويت هذه القراءة عن حمزة، واختار أبو حاتم هذه القراءة اتباعاً للغة. وروي عن ابن محيصن أنه قرأ بحذفها وصلاً ووقفاً. { إِنّى ظَنَنتُ أَنّى مُلَـٰقٍ حِسَابِيَهْ } أي علمت وأيقنت في الدنيا أني أحاسب في الآخرة. وقيل المعنى إني ظننت أن يأخذني الله بسيئاتي، فقد تفضل عليّ بعفوه ولم يؤاخذني. قال الضحاك كل ظنّ في القرآن من المؤمن فهو يقين، ومن الكافر فهو شك. قال مجاهد ظن الآخرة يقين وظنّ الدنيا شك. قال الحسن في هذه الآية إن المؤمن أحسن الظنّ بربه فأحسن العمل للآخرة، وإن الكافر أساء الظنّ بربه فأساء العمل. قيل والتعبير بالظنّ هنا للإشعار بأنه لا يقدح في الاعتقاد ما يهجس في النفس من الخطرات التي لا تنفك عنها العلوم النظرية غالباً { فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } أي في عيشة مرضية لا مكروهة، أو ذات رضى أي يرضى بها صاحبها. قال أبو عبيدة، والفراء راضية أي مرضية كقولهمَّاء دَافِقٍ } الطارق 6 أي مدفوق، فقد أسند إلى العيشة ما هو لصاحبها، فكان ذلك من المجاز في الإسناد { فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } أي مرتفعة المكان لأنها في السماء، أو مرتفعة المنازل، أو عظيمة في النفوس. { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } القطوف جمع قطف بكسر القاف، ما يقطف من الثمار، والقطف بالفتح المصدر، والقطاف بالفتح والكسر وقت القطف، والمعنى أن ثمارها قريبة ممن يتناولها من قائم أو قاعد أو مضطجع.

السابقالتالي
2 3 4 5