الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّيۤ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ } * { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } * { فَلَمَّآ رَأَى ٱلْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ } * { فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } * { إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَٰجُّوۤنِّي فِي ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } * { وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَٰناً فَأَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِٱلأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } * { وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيْنَٰهَآ إِبْرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَٰتٍ مَّن نَّشَآءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ }

قوله { لأَبِيهِ ءازَرَ } قال الجوهري آزر اسم أعجمي، وهو مشتق من آزر فلان فلاناً إذا عاونه، فهو مؤازر قومه على عبادة الأصنام. وقال ابن فارس إنه مشتق من القوّة. قال الجويني في النكت من التفسير له ليس بين الناس اختلاف في أن اسم والد إبراهيم تارخ، والذي في القرآن يدل على أن اسمه آزر. وقد تعقب في دعوى الاتفاق بما روي عن ابن إسحاق، والضحاك، والكلبي أنه كان له اسمان آزر وتارخ. وقال مقاتل آزر لقب، وتارخ اسم، وقال سليمان التيمي إن آزر سب وعتب، ومعناه في كلامهم المعوج. وقال الضحاك معنى آزر الشيخ الهرم بالفارسية. وقال الفراء هي صفة ذم بلغتهم كأنه قال يا مخطىء. وروي مثله عن الزجاج. وقال مجاهد هو اسم صنم. وعلى هذا إطلاق اسم الصنم على أبيه إما للتعيير له لكونه معبوده، أو على حذف مضاف، أي قال لأبيه عابد آزر، أو أتعبد آزر على حذف الفعل. وقرأ ابن عباس «أإزر» بهمزتين الأولى مفتوحة والثانية مكسورة، وروي عنه أنه قرأ بهمزتين مفتوحتين، ومحل { إِذْ قَالَ } النصب على تقدير واذكر إذ قال إبراهيم، ويكون هذا المقدر معطوفاً على { قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ } وقيل هو معطوف على { وذكر به أن تبسل } وآزر عطف بيان. قوله { أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَة } الاستفهام للإنكار، أي أتجعلها آلهة لك تعبدها { إِنّى أَرَاكَ وَقَوْمَكَ } المتبعين لك في عبادة الأصنام { فِى ضَلَـٰلٍ } عن طريق الحق { مُّبِينٌ } واضح، { وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرٰهِيمَ } أي ومثل تلك الإراءة نري إبراهيم، والجملة معترضة، و { مَلَكُوتَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضَ } ملكهما، وزيدت التاء والواو للمبالغة في الصفة. ومثله الرغبوت والرهبوت مبالغة في الرغبة والرهبة. قيل أراد بملكوت السموات والأرض ما فيهما من الخلق. وقيل كشف الله له عن ذلك حتى رأى إلى العرش وإلى أسفل الأرضين. وقيل رأى من ملكوت السموات والأرض ما قصه الله في هذه الآية. وقيل المراد بملكوتهما الربوبية والإلٰهية، أي نريه ذلك ونوفقه لمعرفته بطريق الاستدلال التي سلكها. ومعنى { نُرِى } أريناه، حكاية حال ماضية. قوله { وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ } متعلق بمقدّر، أي أريناه ذلك { لِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ } وقد كان آزر وقومه يعبدون الأصنام والكواكب والشمس والقمر، فأراد أن ينبههم على الخطأ. وقيل إنه ولد في سرب، وجعل رزقه في أطراف أصابعه، فكان يمصها. وسبب جعله في السرب، أن النمروذ رأى رؤيا أن ملكه يذهب على يد مولود فأمر بقتل كل مولود، والله أعلم. قوله { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلَّيْلُ } أي ستره بظلمته، ومنه الجنة والمجنّ والجن كله من الستر، قال الشاعر

السابقالتالي
2 3 4 5