الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَٰدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }

نهى الله سبحانه عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، بعد أن أمر بالأكل مما ذكر اسم الله عليه، وفيه دليل على تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه. وقد اختلف أهل العلم في ذلك، فذهب ابن عمر، ونافع مولاه، والشعبي، وابن سيرين وهو رواية عن مالك وعن أحمد بن حنبل، وبه قال أبو ثور، وداود الظاهري أن ما لم يذكر اسم الله عليه من الذبائح حرام من غير فرق بين العامد والناسي لهذه الآية. ولقوله تعالى في آية الصيدفَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } المائدة 4 ويزيد هذا الاستدلال تأكيداً قوله سبحانه في هذه الآية { وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ }. وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة، الأمر بالتسمية في الصيد وغيره. وذهب الشافعي وأصحابه، وهو رواية عن مالك، ورواية عن أحمد أن التسمية مستحبة لا واجبة، وهو مرويّ عن ابن عباس، وأبي هريرة، وعطاء بن أبي رباح، وحمل الشافعي الآية على من ذبح لغير الله، وهو تخصيص للآية بغير مخصص. وقد روى أبو داود في المرسل أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال " ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله أو لم يذكر " وليس في هذا المرسل ما يصلح لتخصيص الآية، نعم حديث عائشة أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم إن قوماً يأتوننا بلحمان لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال " سموا أنتم وكلوا " يفيد أن التسمية عند الأكل تجزىء مع التباس وقوعها عند الذبح. وذهب مالك، وأحمد في المشهور عنهما، وأبو حنيفة وأصحابه، وإسحاق بن راهويه، أن التسمية إن تركت نسياناً لم تضرّ، وإن تركت عمداً لم يحلّ أكل الذبيحة. وهو مرويّ عن علي، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، وعطاء وطاووس، والحسن البصري، وأبي مالك، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وجعفر بن محمد، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، واستدلوا بما أخرجه البيهقي عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " المسلم إن نسي أن يسمي حين يذبح فليذكر اسم الله وليأكله " وهذا الحديث رفعه خطأ، وإنما هو من قول ابن عباس. وكذا أخرجه من قوله عبد الرزاق، وسعيد ابن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر نعم يمكن الاستدلال لهذا المذهب بمثل قوله تعالىرَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } البقرة 286 كما سبق تقريره، وبقوله صلى الله عليه وسلم " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان " وأما حديث أبي هريرة الذي أخرجه ابن عديّ أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت الرجل منا يذبح وينسى أن يسمى؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2