الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } * { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } * { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } * { إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً } * { وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ بَسّاً } * { فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } * { وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً } * { فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } * { وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } * { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } * { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } * { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } * { عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ } * { مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ } * { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } * { بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } * { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ } * { وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } * { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } * { وَحُورٌ عِينٌ } * { كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } * { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً } * { إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً }

قوله { إِذَا وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } الواقعة اسم للقيامة كالآزفة وغيرها، وسميت واقعة لأنها كائنة لا محالة، أو لقرب وقوعها، أو لكثرة ما يقع فيها من الشدائد، وانتصاب إذا بمضمر، أي اذكر وقت وقوع الواقعة، أو بالنفي المفهوم من قوله { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } أي لا يكون عند وقوعها تكذيب، والكاذبة مصدر كالعاقبة أي ليس لمجيئها وظهورها كذب أصلاً، وقيل إذا شرطية، وجوابها مقدّر، أي إذا وقعت كان كيت وكيت، والجواب هذا هو العامل فيها، وقيل إنها شرطية، والعامل فيها الفعل الذي بعدها، واختار هذا أبو حيان، وقد سبقه إلى هذا مكيّ فقال والعامل وقعت. قال المفسرون والواقعة هنا هي النفخة الآخرة، ومعنى الآية أنها إذا وقعت النفخة الآخرة عند البعث لم يكن هناك تكذيب بها أصلاً، أو لا يكون هناك نفس تكذب على الله، وتكذب بما أخبر عنه من أمور الآخرة. قال الزجاج ليس لوقعتها كاذبة، أي لا يردّها شيء، وبه قال الحسن، وقتادة. وقال الثوري ليس لوقعتها أحد يكذب بها. وقال الكسائي ليس لها تكذيب، أي لا ينبغي أن يكذب بها أحد. { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } قرأ الجمهور برفعهما على إضمار مبتدأ، أي هي خافضة رافعة. وقرأ الحسن وعيسى الثقفي بنصبهما على الحال. قال عكرمة، والسديّ، ومقاتل خفضت الصوت فأسمعت من دنا، ورفعت الصوت فأسمعت من نأى، أي أسمعت القريب والبعيد. وقال قتادة خفضت أقواماً في عذاب الله، ورفعت أقواماً إلى طاعة الله. وقال محمد بن كعب خفضت أقواماً كانوا في الدنيا مرفوعين، ورفعت أقواماً كانوا في الدنيا مخفوضين، والعرب تستعمل الخفض والرفع في المكان والمكانة، والعزّ والإهانة، ونسبة الخفض والرفع إليها على طريق المجاز، والخافض والرّافع في الحقيقة، هو الله سبحانه. { إِذَا رُجَّتِ ٱلاْرْضُ رَجّاً } أي إذا حرّكت حركة شديدة، يقال رجّه يرجّه رجًّا إذا حرّكه، والرّجة الاضطراب، وارتجّ البحر اضطرب. قال المفسرون ترتجّ، كما يرتجّ الصبيّ في المهد حتى ينهدم كل ما عليها، وينكسر كل شيء من الجبال وغيرها. قال قتادة، ومقاتل، ومجاهد معنى رجت زلزلت، والظرف متعلق بقوله { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } أي تخفض وترفع وقت رجّ الأرض وبس الجبال لأنه عند ذلك يرتفع ما هو منخفض، وينخفض ما هو مرتفع. وقيل إنه بدل من الظرف الأوّل ذكره الزجاج، فيكون معنى وقوع الواقعة هو رجّ الأرض، وبس الجبال { وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ بَسّاً } البس الفت، يقال بس الشيء إذا فته حتى يصير فتاتاً، ويقال بس السويق إذا لته بالسمن، أو بالزيت. قال مجاهد، ومقاتل المعنى أن الجبال فتت فتاً. وقال السديّ كسرت كسراً. وقال الحسن قلعت من أصلها. وقال مجاهد أيضاً بست كما يبس الدقيق بالسمن، أو بالزيت، والمعنى أنها خلطت فصارت كالدقيق الملتوت.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7