الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } * { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } * { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } * { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } * { وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ } * { وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } * { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } * { وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } * { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً } * { فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً } * { عُرُباً أَتْرَاباً } * { لأَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } * { وَأَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ مَآ أَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ } * { فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ } * { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } * { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } * { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ } * { وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } * { أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } * { قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ } * { لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ٱلضِّآلُّونَ ٱلْمُكَذِّبُونَ } * { لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } * { فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } * { فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْحَمِيمِ } * { فَشَارِبُونَ شُرْبَ ٱلْهِيمِ } * { هَـٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ ٱلدِّينِ }

لما فرغ سبحانه من ذكر أحوال السابقين، وما أعدّه لهم من النعيم المقيم، ذكر أحوال أصحاب اليمين، فقال { وَأَصْحَـٰبُ ٱلْيَمِينِ مَا أَصْحَـٰبُ ٱلْيَمِينِ } قد قدّمنا وجه إعراب هذا الكلام، وما في هذه الجملة الاستفهامية من التفخيم والتعظيم، وهي خبر المبتدأ، وهو أصحاب اليمن، وقوله { فِى سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } خبر ثان، أو خبر مبتدأ محذوف، أي هم في سدر مخضود، والسدر نوع من الشجر، والمخضود الذي خضد شوكه، أي قطع فلا شوك فيه. قال أمية بن أبي الصلت يصف الجنة
إن الحدائق في الجنان ظليلة فيها الكواعب سدرها مخضود   
وقال الضحاك، ومجاهد، ومقاتل بن حيان إن السدر المخضود الموقر حملاً { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } قال أكثر المفسرين إن الطلح في الآية هو شجر الموز. وقال جماعة ليس هو شجر الموز، ولكنه الطلح المعروف وهو أعظم أشجار العرب. قال الفراء، وأبو عبيدة هو شجر عظام لها شوك. قال الزجاج الطلح هو أمّ غيلان، ولها نور طيب، فخوطبوا ووعدوا ما يحبون، إلاّ أن فضله على ما في الدنيا كفضل سائر ما في الجنة على ما في الدنيا. قال ويجوز أن يكون في الجنة، وقد أزيل شوكه. قال السدي طلح الجنة يشبه طلح الدنيا لكن له ثمر أحلى من العسل، والمنضود المتراكب الذي قد نضد أوله وآخره بالحمل ليس له سوق بارزة. قال مسروق أشجار الجنة من عروقها إلى أفنانها نضيد ثمر كله، كلما أخذت ثمرة عاد مكانها أحسن منها { وَظِلّ مَّمْدُودٍ } أي دائم باق لا يزول، ولا تنسخه الشمس. قال أبو عبيدة والعرب تقول لكل شيء طويل لا ينقطع ممدود، ومنه قولهأَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبّكَ كَيْفَ مَدَّ ٱلظّلَّ } الفرقان 45 والجنة كلها ضلّ لا شمس معه. قال الربيع بن أنس يعني ظلّ العرش، ومن استعمال العرب للممدود في الدائم الذي لا ينقطع قول لبيد
غلب العزاء وكان غير مغلب دهر طويل دائم ممدود   
{ وَمَاء مَّسْكُوبٍ } أي منصبّ يجري بالليل والنهار أينما شاءوا لا ينقطع عنهم، فهو مسكوب يسكبه الله في مجاريه، وأصل السكب. الصبّ، يقال سكبه سكباً، أي صبه { وَفَـٰكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } أي ألوان متنوعة متكثرة { لاَّ مَقْطُوعَةٍ } في وقت من الأوقات، كما تنقطع فواكه الدنيا في بعض الأوقات { وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } أي لا تمتنع على من أرادها في أي وقت على أيّ صفة، بل هي معدّة لمن أرادها لا يحول بينه وبينها حائل. قال ابن قتيبة يعني أنها غير محظورة عليها كما يحظر على بساتين الدنيا. { وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } أي مرفوع بعضها فوق بعض،أو مرفوعة على الأسرّة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6