الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُدْهَآمَّتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي ٱلْخِيَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { تَبَارَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِي ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ }

لما فرغ سبحانه من تعداد النعم الدنيوية على الثقلين ذكر نعمه الأخروية التي أنعم بها عليهم، فقال { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ } مقامه سبحانه هو الموقف الذي يقف فيه العباد للحساب، كما في قولهيَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } المطففين 6 فالمقام مصدر بمعنى القيام، وقيل المعنى خاف قيام ربه عليه، وهو إشرافه على أحواله، واطلاعه على أفعاله وأقواله، كما في قولهأَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } الرعد 33 قال مجاهد، والنخعي هو الرجل يهمّ بالمعصية فيذكر الله، فيدعها من خوفه. واختلف في الجنتين، فقال مقاتل يعني جنة عدن، وجنة النعيم، وقيل إحداهما التي خلقت له والأخرى ورثها. وقيل إحداهما منزله والأخرى منزل أزواجه. وقيل إحداهما أسافل القصور والأخرى أعاليها. وقيل جنة للخائف الإنسي وجنة للخائف الجنيّ، وقيل جنة لفعل الطاعة وأخرى لترك المعصية، وقيل جنة للعقيدة التي يعتقدها وأخرى للعمل الذي يعمله، وقيل جنة بالعمل وجنة بالتفضل، وقيل جنة روحانية وجنة جسمانية، وقيل جنة لخوفه من ربه وجنة لتركه شهوته، وقال الفرّاء إنما هي جنة واحدة، والتثنية لأجل موافقة الآي. قال النحاس وهذا القول من أعظم الغلط على كتاب الله، فإن الله يقول { جَنَّتَانِ } ويصفهما بقوله { فيهما } إلخ. { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } فإن من جملتها من هذه النعم العظيمة، وهي إعطاء الخائف من مقام ربه جنتين متصفتين بالصفات الجليلة العظيمة { ذَوَاتَا أَفْنَانٍ } هذه صفة للجنتين، وما بينهما اعتراض، والأفنان الأغصان، واحدها فنن، وهو الغصن المستقيم طولاً، وبهذا قال مجاهد، وعكرمة، وعطية، وغيرهم. وقال الزجاج الأفنان الألوان واحدها فنّ، وهو الضرب من كل شيء، وبه قال عطاء، وسعيد بن جبير، وجمع عطاء بين القولين، فقال في كلّ غصن فنون من الفاكهة، ومن إطلاق الفنن على الغصن قول النابغة
دعاء حمامةٍ تَدعْو هَدِيلا مُفَجعَّةٍ على فَنَنٍ تُغَني   
وقول الآخر
ما هاجَ شُوْقُك من هَديل حَمامةٍ تَدْعو على فَنَنٍ الغُصون حَمامَا   
وقيل معنى { ذَوَاتَا أَفْنَانٍ } ذواتا فضل وسعة على ما سواهما، قاله قتادة، وقيل الأفنان ظلّ الأغصان على الحيطان، روي هذا عن مجاهد، وعكرمة. { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } فإن كل واحد منها ليس بمحل للتكذيب، ولا بموضع للإنكار. { فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ } هذا أيضاً صفة أخرى لجنتان، أي في كل واحدة منهما عين جارية. قال الحسن إحداهما السلسبيل والأخرى التسنيم. وقال عطية إحداهما من ماء غير آسن والأخرى من خمر لذة للشاربين، قيل كلّ واحدة منهما مثل الدنيا أضعافاً مضاعفة. { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } فإن من جملتها هذه النعمة الكائنة في الجنة لأهل السعادة. { فِيهِمَا مِن كُلّ فَـٰكِهَةٍ زَوْجَانِ } هذا صفة ثالثة لجنتان، والزوجان الصنفان والنوعان، والمعنى أن في الجنتين من كلّ نوع يتفكه به ضربين يستلذ بكلّ نوع من أنواعه، قيل أحد الصنفين رطب، والآخر يابس لا يقصر أحدهما عن الآخر في الفضل والطيب { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } فإن في مجرّد تعداد هذه النعم، ووصفها في هذا الكتاب العزيز من الترغيب إلى فعل الخير، والترهيب عن فعل الشرّ ما لا يخفى على من يفهم، وذلك نعمة عظمى، ومنّة كبرى، فكيف بالتنعم به عند الوصول إليه؟! { مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } انتصاب { متكئين } على الحال من فاعل قوله { وَلِمَنْ خَافَ } وإنما جمع، حملاً على معنى من، وقيل عاملها محذوف، والتقدير يتنعمون متكئين، وقيل منصوب على المدح، والفرش جمع فرش، والبطائن هي التي تحت الظهائر، وهي جمع بطانة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9