الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } * { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يَسْأَلُهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ ٱلثَّقَلاَنِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَٱلدِّهَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِي وَٱلأَقْدَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } * { يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

قوله { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } أي كل من على الأرض من الحيوانات هالك، وغلب العقلاء على غيرهم، فعبر عن الجميع بلفظ من، وقيل أراد من عليها من الجنّ والإنس { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبّكَ ذُو ٱلْجَلْـٰلِ وَٱلإكْرَامِ } الوجه عبارة عن ذاته سبحانه ووجوده، وقد تقدّم في سورة البقرة بيان معنى هذا، وقيل معنى { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبّكَ } تبقى حجته التي يتقرّب بها إليه، والجلال العظمة والكبرياء، واستحقاق صفات المدح، يقال جلّ الشيء، أي عظم، وأجللته، أي أعظمته، وهو اسم من جلّ. ومعنى ذو الإكرام أنه يكرم عن كل شيء لا يليق به، وقيل إنه ذو الإكرام لأوليائه، والخطاب في قوله { ربك } للنبيّ صلى الله عليه وسلم، أو لكل من يصلح له، قرأ الجمهور { ذو الجلال } على أنه صفة لوجه، وقرأ أبيّ، وابن مسعود ذي الجلال على أنه صفة لربّ. { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } وجه النعمة في فناء الخلق أن الموت سبب النقلة إلى دار الجزاء والثواب. وقال مقاتل وجه النعمة في فناء الخلق التسوية بينهم في الموت، ومع الموت تستوي الأقدام. { يَسْأَلُهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْض } أي يسألونه جميعاً لأنهم محتاجون إليه لا يستغني عنه أحد منهم. قال أبو صالح يسأله أهل السمٰوات المغفرة، ولا يسألونه الرزق، وأهل الأرض يسألونه الأمرين جميعاً. وقال مقاتل يسأله أهل الأرض الرزق والمغفرة، وتسأل لهم الملائكة أيضاً الرزق والمغفرة، وكذا قال ابن جريج. وقيل يسألونه الرحمة. قال قتادة لا يستغني عنه أهل السماء، ولا أهل الأرض. والحاصل أنه يسأله كل مخلوق من مخلوقاته بلسان المقال، أو لسان الحال ما يطلبونه من خيري الدارين، أو من خيري إحداهما { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ } انتصاب كل بالاستقرار الذي تضمنه الخبر، والتقدير استقر سبحانه في شأن كل وقت من الأوقات، واليوم عبارة عن الوقت، والشأن هو الأمر، ومن جملة شؤونه سبحانه إعطاء أهل السمٰوات والأرض ما يطلبونه منه على اختلاف حاجاتهم، وتباين أغراضهم. قال المفسرون من شأنه أنه يحيـي ويميت. ويرزق ويفقر. ويعزّ ويذلّ، ويمرض ويشفي، ويعطي ويمنع. ويغفر ويعاقب، إلى غير ذلك مما لا يحصى. وقيل المراد باليوم المذكور هو يوم الدنيا ويوم الآخرة، قال ابن بحر الدّهر كله يومان أحدهما مدّة أيام الدنيا، والآخر يوم القيامة، وقيل المراد كل يوم من أيام الدنيا { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } فإن اختلاف شؤونه سبحانه في تدبير عباده نعمة لا يمكن جحدها، ولا يتيسر لمكذّب تكذيبها { سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلثَّقَلاَنِ } هذا وعيد شديد من الله سبحانه للجنّ والإنس. قال الزجاج، والكسائي، وابن الأعرابي، وأبو علي الفارسي إن الفراغ ها هنا ليس هو الفراغ من شغل، ولكن تأويله القصد، أي سنقصد لحسابكم.

السابقالتالي
2 3 4 5