الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلرَّحْمَـٰنُ } * { عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } * { عَلَّمَهُ ٱلبَيَانَ } * { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } * { وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } * { وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ } * { أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي ٱلْمِيزَانِ } * { وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ } * { وَٱلأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ } * { فِيهَا فَاكِهَةٌ وَٱلنَّخْلُ ذَاتُ ٱلأَكْمَامِ } * { وَٱلْحَبُّ ذُو ٱلْعَصْفِ وَٱلرَّيْحَانُ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ } * { وَخَلَقَ ٱلْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ } * { بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يَخْرُجُ مِنْهُمَا ٱلُّلؤْلُؤُ وَٱلمَرْجَانُ } * { فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { وَلَهُ ٱلْجَوَارِ ٱلْمُنشَئَاتُ فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

قوله { ٱلرَّحْمَـٰنُ * عَلَّمَ ٱلْقُرْءانَ } ارتفاع الرحمٰن على أنه مبتدأ، وما بعده من الأفعال أخبار له، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي الله الرحمٰن. قال الزجاج معنى { عَلَّمَ ٱلْقُرْءانَ } يسّره. قال الكلبي علم القرآن محمداً، وعلمه محمد أمته، وقيل جعله علامة لما يعبد الناس به، قيل نزلت هذه الآية جواباً لأهل مكة حين قالواإنما يعلمه بشر } النحل 103، وقيل جواباً لقولهم وما الرحمٰن؟ ولما كانت هذه السورة لتعداد نعمه التي أنعم بها على عباده قدم النعمة التي هي أجلها قدراً، وأكثرها نفعاً، وأتمها فائدة، وأعظمها عائدة، وهي نعمة تعليم القرآن، فإنها مدار سعادة الدارين، وقطب رحى الخيرين، وعماد الأمرين. ثم امتنّ بعد هذه النعمة بنعمة الخلق التي هي مناط كل الأمور، ومرجع جميع الأشياء، فقال { خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ } ثم امتنّ ثالثاً بتعليمه البيان الذي يكون به التفاهم، ويدور عليه التخاطب، وتتوقف عليه مصالح المعاش والمعاد لأنه لا يمكن إبراز ما في الضمائر، ولا إظهار ما يدور في الخلد إلاّ به قال قتادة، والحسن المراد بالإنسان آدم، والمراد بالبيان أسماء كلّ شيء، وقيل المراد به اللغات. وقال ابن كيسان المراد بالإنسان ها هنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبالبيان بيان الحلال من الحرام، والهدى من الضلال، وهو بعيد. وقال الضحاك البيان الخير والشرّ. وقال الربيع بن أنس هو ما ينفعه مما يضرّه، وقيل البيان الكتابة بالقلم. والأولى حمل الإنسان على الجنس، وحمل البيان على تعليم كلّ قوم لسانهم الذي يتكلمون به. { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } أي يجريان بحساب، ومنازل لا يعدوانها، ويدلان بذلك على عدد الشهور والسنين. قال قتادة، وأبو مالك يجريان بحسبان في منازل لا يعدوانها، ولا يحيدان عنها. وقال ابن زيد، وابن كيسان يعني أن بهما تحسب الأوقات، والآجال والأعمار، ولولا الليل والنهار، والشمس والقمر لم يدر أحد كيف يحسب لأن الدهر يكون كله ليلاً أو نهاراً. وقال الضحاك معنى { بحسبان } بقدر. وقال مجاهد بحسبان كحسبان الرحى، يعني قطبهما الذي يدوران عليه. قال الأخفش الحسبان جماعة الحساب، مثل شهب وشهبان. وأما الحسبان بالضمّ فهو العذاب، كما مضى في سورة الكهف. { وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } النجم ما لا ساق له من النبات، والشجر ما له ساق. قال الشاعر
لقد أنجم القاع الكثير عضاهه وتمّ به حيا تميم ووائل   
وقال زهير
مكلل بأصول النجم تنسجه ريح الجنوب لضاحي ما به حبك   
والمراد بسجودهما انقيادهما لله تعالى انقياد الساجدين من المكلفين. وقال الفراء سجودهما أنهما يستقبلان الشمس إذا طلعت، ثم يميلان معها حين ينكسر الفيء. وقال الزجاج سجودهما دوران الظل معهما، كما في قوله

السابقالتالي
2 3 4 5 6