الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ } * { تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } * { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } * { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ } * { فَقَالُوۤاْ أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } * { أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } * { سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ } * { إِنَّا مُرْسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَٱرْتَقِبْهُمْ وَٱصْطَبِرْ } * { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ } * { فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ } * { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ } * { وَلَقَد يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } * { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِٱلنُّذُرِ } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ } * { نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ } * { وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ } * { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ } * { فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ }

قوله { كَذَّبَتْ عَادٌ } هم قوم عاد { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ } أي فاسمعوا كيف كان عذابي لهم وإنذاري إياهم، ونذر مصدر بمعنى إنذار، كما تقدّم تحقيقه، والاستفهام للتهويل والتعظيم { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } هذه الجملة مبينة لما أجمله سابقاً من العذاب، والصرصر شدّة البرد، أي ريح شديدة البرد، وقيل الصرصر شدّة الصوت، وقد تقدّم بيانه في سورة حمۤ السجدة { فِى يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرّ } أي دائم الشؤم استمرّ عليهم بنحوسه، وقد كانوا يتشاءمون بذلك اليوم. قال الزجاج قيل في يوم الأربعاء في آخر الشهر. قرأ الجمهور { في يوم نحس } بإضافة { يوم } إلى { نحس } مع سكون الحاء، وهو من إضافة الموصوف إلى الصفة، أو على تقدير مضاف أي في يوم عذاب نحس. وقرأ الحسن بتنوين " يوم " على أن { نحس } صفة له. وقرأ هارون بكسر الحاء. قال الضحاك كان ذلك اليوم مرّاً عليهم. وكذا حكى الكسائي عن قوم أنهم قالوا هو من المرارة، وقيل هو من المرّة بمعنى القوّة، أي في يوم قويّ الشؤم مستحكمه، كالشيء المحكم الفتل الذي لا يطاق نقضه، والظاهر أنه من الاستمرار، لا من المرارة، ولا من المرّة، أي دام عليهم العذاب فيه حتى أهلكهم، وشمل بهلاكه كبيرهم وصغيرهم. وجملة { تَنزِعُ ٱلنَّاسَ } في محل نصب على أنها صفة لـ { ريحاً } ، أو حال منها، ويجوز أن يكون استئنافاً، أي تقلعهم من الأرض من تحت أقدامهم اقتلاع النخلة من أصلها. قال مجاهد كانت تقلعهم من الأرض، فترمي بهم على رؤوسهم فتدقّ أعناقهم، وتبين رؤوسهم من أجسادهم، وقيل تنزع الناس من البيوت، وقيل من قبورهم لأنهم حفروا حفائر ودخلوها { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } الأعجاز جمع عجز، وهو مؤخر الشيء، والمنقعر المنقطع المنقلع من أصله، يقال قعرت النخلة إذا قلعتها من أصلها حتى تسقط. شبههم في طول قاماتهم حين صرعتهم الريح، وطرحتهم على وجوههم بالنخل الساقط على الأرض التي ليست لها رؤوس، وذلك أن الرّيح قلعت رؤوسهم أولاً، ثم كتّبتهم على وجوههم، وتذكير منقعر مع كونه صفة لأعجاز نخل، وهي مؤنثة اعتباراً باللفظ، ويجوز تأنيثه اعتباراً بالمعنى، كما قالأَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } الحاقة 7 قال المبرد كل ما ورد عليك من هذا الباب إن شئت رددته إلى اللفظ تذكيراً، أو إلى المعنى تأنيثاً. وقيل إن النخل والنخيل يذكر ويؤنث { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ } قد تقدّم تفسيره قريباً، وكذلك قوله { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءانَ لِلذّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }. ثم لما ذكر سبحانه تكذيب عاد أتبعه بتكذيب ثمود، فقال { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ } يجوز أن يكون جمع نذير، أي كذبت بالرّسل المرسلين إليهم، ويجوز أن يكون مصدراً بمعنى الإنذار، أي كذبت بالإنذار الذي أنذروا به، وإنما كان تكذيبهم لرسولهم وهو صالح تكذيباً للرسل لأن من كذب واحداً من الأنبياء فقد كذب سائرهم لاتفاقهم في الدعوة إلى كليات الشرائع { فَقَالُواْ أَبَشَراً مّنَّا وٰحِداً نَّتَّبِعُهُ } الاستفهام للإنكار، أي كيف نتبع بشراً كائناً من جنسنا منفرداً وحده لا متابع له على ما يدعو إليه.

السابقالتالي
2 3 4 5