الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } * { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } * { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } * { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } * { ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ } * { وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } * { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } * { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } * { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } * { مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } * { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ } * { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ } * { عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ } * { عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ } * { إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ } * { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } * { لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ } * { أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ } * { وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } * { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ } * { تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } * { أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ } * { فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ } * { وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ }

قوله { وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } التعريف للجنس، والمراد به جنس النجوم، وبه قال جماعة من المفسرين، ومنه قول عمر بن أبي ربيعة
أحسن النجم في السماء الثريا والثريا في الأرض زين النساء   
وقيل المراد به الثريا، وهو اسم غلب فيها، تقول العرب النجم، وتريد به الثريا، وبه قال مجاهد، وغيره، وقال السديّ، النجم هنا هو الزهرة لأن قوماً من العرب كانوا يعبدونها، وقيل النجم هنا النبت الذي لا ساق له، كما في قولهوَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } الرحمٰن 6 قاله الأخفش. وقيل النجم محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل النجم القرآن وسمي نجماً لكونه نزل منجماً مفرّقاً، والعرب تسمي التفريق تنجيماً، والمفرّق المنجم، وبه قال مجاهد، والفراء، وغيرهما، والأوّل أولى. قال الحسن المراد بالنجم النجوم إذا سقطت يوم القيامة. وقيل المراد بها النجوم التي ترجم بها الشياطين، ومعنى هويه سقوطه من علو، يقال هوى النجم يهوي هوياً إذا سقط من علو إلى سفل، وقيل غروبه، وقيل طلوعه، والأوّل أولى، وبه قال الأصمعي وغيره، ومنه قول زهير
تسيح بها الأباعر وهي تهوى هويّ الَّدلْوِ أسْلَمَها الرشَاءُ   
ويقال هوى في السير إذا مضى ومنه قول الشاعر
بينما نَحْنُ بالبِلاكثِ فالقا عِ سِراعاً والعِيسُ تَهْوِى هُويا خَطَرتْ خَطْرة على القلب من ذكـ ـرَاكِ وَهناً فما استطعت مُضيا   
ومعنى الهوَي على قول من فسر النجم بالقرآن أنه نزل من أعلا إلى أسفل، وأما على قول من قال إنه الشجر الذي لا ساق له، أو أنه محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يظهر للهويّ معنى صحيح، والعامل في الظرف فعل القسم المقدّر، وجواب القسم قوله { مَا ضَلَّ صَـٰحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } أي ما ضلّ محمد صلى الله عليه وسلم عن الحق والهدى، ولا عدل عنه، والغيّ ضدّ الرشد، أي ما صار غاوياً ولا تكلم بالباطل، وقيل ما خاب فيما طلب، والغَيّ الخيبة، ومنه قول الشاعر
فمن يْلَق خيراً يحمِد النَّاسُ أَمْرَهُ وَمْن يَغْوَ لا يعدم على الغيِّ لائماً   
وفي قوله { صَـٰحِبُكُمْ } إشارة بأنهم المطلعون على حقيقة حاله، والخطاب لقريش { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } أي ما يصدر نطقه عن الهوى لا بالقرآن ولا بغيره، فعن على بابها. وقال أبو عبيدة إنّ عن بمعنى الباء أي بالهوى. قال قتادة أي ما ينطق بالقراءة عن هواه { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَىٰ } أي ما هو الذي ينطق به إلاّ وحي من الله يوحيه إليه. وقوله { يُوحَى } صفة لوحي تفيد الاستمرار التجددي، وتفيد نفي المجاز، أي هو وحي حقيقة لا لمجرد التسمية { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } القوى جمع قوّة، والمعنى أنه علمه جبريل الذي هو شديد قواه، هكذا قال أكثر المفسرين إن المراد جبريل.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9