الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ } * { أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ } * { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ } * { أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { أَمْ لَهُ ٱلْبَنَاتُ وَلَكُمُ ٱلْبَنُونَ } * { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } * { أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ } * { أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ ٱلْمَكِيدُونَ } * { أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ } * { فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ } * { يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } * { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ ٱلنُّجُومِ }

قوله { أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَىْء } " أم " هذه هي المنقطعة، كما تقدّم فيما قبلها، وكما سيأتي فيما بعدها، أي بل أخلقوا على هذه الكيفية البديعة، والصنعة العجيبة من غير خالق لهم؟ قال الزجاج أي أخلقوا باطلاً لغير شيء لا يحاسبون، ولا يؤمرون، ولا ينهون؟ وجعل " مِنْ " بمعنى اللام. قال ابن كيسان أم خلقوا عبثاً، وتركوا سدًى لا يؤمرون، ولا ينهون؟ وقيل المعنى أم خلقوا من غير أب ولا أمّ، فهم كالجماد لا يفهمون، ولا تقوم عليهم حجة؟ { أَمْ هُمُ ٱلْخَـٰلِقُونَ } أي بل أيقولون هم الخالقون لأنفسهم، فلا يؤمرون ولا ينهون مع أنهم يقرّون أن الله خالقهم؟ وإذا أقرّوا لزمتهم الحجة { أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضَ } وهم لا يدّعون ذلك، فلزمتهم الحجة، ولهذا أضرب عن هذا، وقال { بَل لاَّ يُوقِنُونَ } أي ليسوا على يقين من الأمر، بل يخبطون في ظلمات الشك في وعد الله ووعيده { أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبّكَ } أي خزائن أرزاق العباد، وقيل مفاتيح الرحمة. قال مقاتل يقول أبأيديهم مفاتيح ربك بالرسالة، فيضعونها حيث شاءوا؟ وكذا قال عكرمة وقال الكلبي خزائن المطر والرزق { أَمْ هُمُ المصيطرون } أي المسلطون الجبارون، قال في الصحاح المسيطر المسلط على الشيء، ليشرف عليه، ويتعهد أحواله، ويكتب عمله، وأصله من السطر لأن الكتاب يسطر. وقال أبو عبيدة سطرت عليّ اتخذتني خولاً لك. قرأ الجمهور { المصيطرون } بالصاد الخالصة، وقرأ ابن محيصن، وحميد، ومجاهد، وقنبل، وهشام بالسين الخالصة، ورويت هذه القراءة عن حفص، وقرأ خلاد بصاد مشمة زاياً. { أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ } أي بل أيقولون إن لهم سلماً منصوباً إلى السماء يصعدون به، ويستمعون فيه كلام الملائكة، وما يوحى إليهم، ويصلون به إلى علم الغيب، كما يصل إليه محمد صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي، وقوله { فِيهِ } صفة لسلم، وهي للظرفية على بابها، وقيل هي بمعنى على، أي يستمعون عليه كقولهوَلأصَلّبَنَّكُمْ فِى جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } طه 71 قاله الأخفش. وقال أبو عبيدة يستمعون به. وقال الزجاج المعنى أنهم كجبريل الذي يأتي النبيّ صلى الله عليه وسلم بالوحي، وقيل هي في محلّ نصب على الحال، أي صاعدين فيه { فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم } إن ادّعى ذلك { بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } أي بحجة واضحة ظاهرة { أَمْ لَهُ ٱلْبَنَـٰتُ وَلَكُمُ ٱلْبَنُونَ } أي بل أتقولون لله البنات ولكم البنون، سفه سبحانه أحلامهم، وضلل عقولهم ووبخهم، أي أيضيفون إلى الله البنات وهي أضعف الصنفين، ويجعلون لأنفسهم البنين، وهم أعلاهما، وفيه إشعار بأن من كان هذا رأيه، فهو بمحلّ سافل في الفهم والعقل، فلا يستبعد منه إنكار البعث وجحد التوحيد.

السابقالتالي
2 3 4