الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلطُّورِ } * { وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ } * { فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ } * { وَٱلْبَيْتِ ٱلْمَعْمُورِ } * { وَٱلسَّقْفِ ٱلْمَرْفُوعِ } * { وَٱلْبَحْرِ ٱلْمَسْجُورِ } * { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ } * { مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ } * { يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوْراً } * { وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً } * { فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ } * { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } * { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } * { أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } * { ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ } * { فَاكِهِينَ بِمَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ }

قوله { وَٱلطُّورِ } قال الجوهري هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى. قال مجاهد، والسديّ الطور بالسريانية الجبل، والمراد به طور سيناء. قال مقاتل بن حيان هما طوران، يقال لأحدهما طور سيناء، وللآخر طور زيتا لأنهما ينبتان التين والزيتون. وقيل هو جبل مدين، وقيل إن الطور كل جبل ينبت، وما لا ينبت فليس بطور، أقسم الله سبحانه بهذا الجبل تشريفاً له وتكريماً. { وَكِتَـٰبٍ مُّسْطُورٍ } المسطور المكتوب، والمراد بالكتاب القرآن، وقيل هو اللوح المحفوظ، وقيل جميع الكتب المنزلة، وقيل ألواح موسى، وقيل ما تكتبه الحفظة، قاله الفراء، وغيره، ومثلهوَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ كِتَابًا يَلْقَـٰهُ مَنْشُوراً } الإسراء 13 وقولهوَإِذَا ٱلصُّحُفُ نُشِرَتْ } التكوير 10 { فِى رَقّ مَّنْشُورٍ } متعلق بمسطور، أي مكتوب في رقّ. قرأ الجمهور { في رق } بفتح الراء، وقرأ أبو السماك بكسرها. قال الجوهري الرقّ بالفتح ما يكتب فيه، وهو جلد رقيق، ومنه قوله تعالى { فِى رَقّ مَّنْشُورٍ } قال المبرد الرقّ ما رقّ من الجلد ليكتب فيه، والمنشور المبسوط. قال أبو عبيدة وجمعه رقوق، ومن هذا قول المتلمس
فكأنما هي من تقادم عهدها رقّ أتيح كتابها مسطور   
وأما الرقّ بالكسر، فهو المملوك، يقال عبد رقّ، وعبد مرقوق. { وَٱلْبَيْتِ ٱلْمَعْمُورِ } في السماء السابعة. وقيل في سماء الدنيا، وقيل هو الكعبة، فعلى القولين الأوّلين يكون وصفه بالعمارة باعتبار من يدخل إليه من الملائكة، ويعبد الله فيه. وعلى القول الثالث، يكون وصفه بالعمارة حقيقة أو مجازاً باعتبار كثرة من يتعبد فيه من بني آدم { وَٱلسَّقْفِ ٱلْمَرْفُوعِ } يعني السماء، سماها سقفاً لكونها كالسقف للأرض، ومنه قولهوَجَعَلْنَا ٱلسَّمَاء سَقْفاً مَّحْفُوظاً } الأنبياء 32 وقيل هو العرش { وَٱلْبَحْرِ ٱلْمَسْجُورِ } أي الموقد، من السجر وهو إيقاد النار في التنور، ومنه قولهوَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجّرَتْ } التكوير 6 وقد روي أن البحار تسجر يوم القيامة فتكون ناراً، وقيل المسجور المملوء، قيل إنه من أسماء الأضداد، يقال بحر مسجور أي مملوء، وبحر مسجور، أي فارغ، وقيل المسجور الممسوك، ومنه ساجور الكلب لأنه يمسكه. وقال أبو العالية المسجور الذي ذهب ماؤه، وقيل المسجور المفجور، ومنهوَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجّرَتْ } الإنفطار 3 وقال الربيع بن أنس هو الذي يختلط فيه العذب بالمالح. والأوّل أولى، وبه قال مجاهد، والضحاك، ومحمد بن كعب، والأخفش، وغيرهم. { إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ } هذا جواب القسم، أي كائن لا محالة لمن يستحقه { مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ } يدفعه ويرده عن أهل النار، وهذه الجملة خبر ثان لإن، أو صفة لواقع، و " من " مزيدة للتأكيد. ووجه تخصيص هذه الأمور بالإقسام بها أنها عظيمة دالة على كمال القدرة الربانية.

السابقالتالي
2 3 4