الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } * { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ } * { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } * { مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ } * { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ } * { فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ } * { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَٰهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } * { وَٱلأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ ٱلْمَاهِدُونَ } * { وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { وَلاَ تَجْعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { كَذَلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } * { أَتَوَاصَوْاْ بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } * { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ } * { وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } * { مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ } * { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ } * { فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ } * { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ }

قوله { وَفِى مُوسَىٰ } معطوف على قوله { فيها } بإعادة الخافض، والتقدير وتركنا في قصة موسى آية، أو معطوف على { وَفِى ٱلأرْضِ } والتقدير وفي الأرض، وفي موسى آيات، قاله الفراء، وابن عطية، والزمخشري. قال أبو حيان وهو بعيد جداً ينزّه القرآن عن مثله، ويجوز أن يكون متعلقاً بجعلنا مقدّراً لدلالة وتركنا عليه قيل ويجوز أن يعطف على { وَتَرَكْنَا } على طريقة قول القائل
علفتها تبناً وماء بارداً   
والتقدير وتركنا فيها آية، وجعلنا في موسى آية. قال أبو حيان ولا حاجة إلى إضمار، وجعلنا لأنه قد أمكن أن يكون العامل في المجرور وتركنا. والوجه الأوّل هو الأولى، وما عداه متكلف متعسف لم تلجىء إليه حاجة، ولا دعت إليه ضرورة { إِذْ أَرْسَلْنَـٰهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } الظرف متعلق بمحذوف هو نعت لآية، أي كائنة وقت أرسلناه، أو بآية نفسها، والأوّل أولى. والسلطان المبين الحجة الظاهرة الواضحة، وهي العصا، وما معها من الآيات { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ } التولي الإعراض، والركن الجانب، قاله الأخفش. والمعنى أعرض بجانبه، كما في قولهأَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ } الإسراء 83 قال الجوهري ركن الشيء جانبه الأقوى، وهو يأوي إلى ركن شديد، أي عزّ ومنعة. وقال ابن زيد، ومجاهد، وغيرهما الركن جمعه وجنوده الذين كان يتقوّى بهم، ومنه قوله تعالىأَوْ آوِى إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } هود 80 أي عشيرة ومنعة، وقيل الركن نفس القوّة، وبه قال قتادة وغيره، ومنه قول عنترة
فما أوهى مراس الحرب ركني ولكن ما تقادم من زماني   
{ وَقَالَ سَـٰحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } أي قال فرعون في حقّ موسى هو ساحر، أو مجنون، فردّد فيما رآه من أحوال موسى بين كونه ساحراً، أو مجنوناً، وهذا من اللعين مغالطة وإيهام لقومه، فإنه يعلم أن ما رآه من الخوارق لا يتيسر على يد ساحر، ولا يفعله من به جنون. وقيل إن " أو " بمعنى الواو لأنه قد قال ذلك جميعاً ولم يتردّد، قاله المؤرج، والفرّاء، كقولهوَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءاثِماً أَوْ كَفُوراً } الإنسان 24. { فَأَخَذْنَـٰهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَـٰهُمْ فِى ٱلْيَمّ } أي طرحناهم في البحر، وجملة { وَهُوَ مُلِيمٌ } في محل نصب على الحال، أي آت بما يلام عليه حين ادّعى الربوبية، وكفر بالله وطغى في عصيانه { وَفِى عَادٍ } أي وتركنا في قصة عاد آية { إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرّيحَ ٱلْعَقِيمَ } وهي التي لا خير فيها ولا بركة، لا تلقح شجراً ولا تحمل مطراً، إنما هي ريح الإهلاك والعذاب. ثم وصف سبحانه هذه الريح فقال { مَا تَذَرُ مِن شَىْء أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ } أي ما تذر من شيء مرّت عليه من أنفسهم، وأنعامهم، وأموالهم إلاّ جعلته كالشيء الهالك البالي.

السابقالتالي
2 3 4 5