الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ } * { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } * { فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } * { فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ } * { فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ } * { فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } * { قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ } * { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } * { لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ } * { مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ } * { فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ }

قوله { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرٰهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ } ذكر سبحانه قصة إبراهيم ليبين أنه أهلك بسبب التكذيب من أهلك. وفي الاستفهام تنبيه على أن هذا الحديث ليس مما قد علم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه إنما علمه بطريق الوحي. وقيل إن " هل " بمعنى " قد " ، كما في قولههَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَـٰنِ حِينٌ مّنَ ٱلدَّهْرِ } الإنسان 1 والضيف مصدر يطلق على الواحد والاثنين والجماعة، وقد تقدم الكلام على قصة ضيف إبراهيم في سورة هود، وسورة الحجر، والمراد بكونهم مكرمين أنهم مكرمون عند الله سبحانه لأنهم ملائكة جاءوا إليه في صورة بني آدم، كما قال تعالى في وصفهم في آية أخرى " بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ " الأنبياء 26 وقيل هم جبريل، وميكائيل، وإسرافيل. وقال مقاتل، ومجاهد أكرمهم إبراهيم وأحسن إليهم وقام على رؤوسهم، وكان لا يقوم على رؤوس الضيف، وأمر امرأته أن تخدمهم. وقال الكلبي أكرمهم بالعجل { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ } العامل في الظرف { حديث } أي هل أتاك حديثهم الواقع في وقت دخولهم عليه، أو العامل فيه { ضيف } لأنه مصدر، أو العامل فيه { المكرمين } ، أو العامل فيه فعل مضمر أي اذكر { فَقَالُواْ سَلامًا } أي نسلم عليك سلاماً { قَالَ سَلَـٰمٌ } أي قال إبراهيم سلام. قرأ الجمهور بنصب { سلاماً } الأول، ورفع الثاني، فنصب الأوّل على المصدرية بتقدير الفعل كما ذكرنا، والمراد به التحية، ويحتمل أن يكون المعنى فقالوا كلاماً حسناً لأنه كلام سلم به المتكلم من أن يلغو، فيكون على هذا مفعولاً به. وأما الثاني فرفعه على أنه مبتدأ محذوف الخبر، أي عليكم سلام، وعدل به إلى الرفع لقصد إفادة الجملة الاسمية للدوام والثبات، بخلاف الفعلية فإنها لمجرد التجدّد والحدوث، ولهذا قال أهل المعاني إن سلام إبراهيم أبلغ من سلام الملائكة، وقرىء بالرفع في الموضعين، وقرىء بالنصب فيهما. وقرأ أهل الكوفة إلاّ عاصماً بكسر السين، وقرىء سلم فيهما، { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } ارتفاع قوم على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي أنتم قوم منكرون. قيل إنه قال هذا في نفسه ولم يخاطبهم به لأن ذلك يخالف الإكرام. قيل إنه أنكرهم لكونهم ابتدءوا بالسلام، ولم يكن ذلك معهوداً عند قومه، وقيل لأنه رأى فيهم ما يخالف بعض الصور البشرية، وقيل لأنه رآهم على غير صورة الملائكة الذين يعرفهم، وقيل غير ذلك. { فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ } قال الزجاج أي عدل إلى أهله، وقيل ذهب إليهم في خفية من ضيوفه، والمعنى متقارب، وقد تقدم تفسيره في سورة الصافات. يقال راغ وارتاغ بمعنى طلب، وماذا يريغ أي يريد ويطلب، وأراغ إلى كذا مال إليه سرًّا وحاد { فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ } أي فجاء ضيفه بعجل قد شواه لهم، كما في سورة هود

السابقالتالي
2 3