الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } * { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } * { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } * { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } * { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ } * { وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٱقِعٌ } * { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } * { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } * { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } * { قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ } * { يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } * { ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } * { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } * { وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } * { وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } * { وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } * { وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } * { وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } * { فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ }

قوله { وَٱلذرِيَـٰتِ ذَرْواً } يقال ذرت الريح التراب تذروه ذرواً، وأذرته تذريه ذرياً، أقسم سبحانه بالرّياح التي تذري التراب، وانتصاب { ذرواً } على المصدرية، والعامل فيها اسم الفاعل، والمفعول محذوف. قرأ أبو عمرو، وحمزة بإدغام تاء الذاريات في ذال ذرواً. وقرأ الباقون بدون إدغام. وقيل المقسم به مقدّر وهو ربّ الذاريات وما بعدها، والأوّل أولى { فَٱلْحَـٰمِلَـٰتِ وِقْراً } هي السحاب تحمل الماء، كما تحمل ذوات الأربع الوقر، وانتصاب { وقراً } على أنه مفعول به، كما يقال حمل فلان عدلاً ثقيلاً. قرأ الجمهور { وقراً } بكسر الواو اسم ما يوقر أي يحمل، وقرىء بفتحها على أنه مصدر، والعامل فيه اسم الفاعل، أو على تسمية المحمول بالمصدر مبالغة { فَٱلْجَـٰرِيَـٰتِ يُسْراً } هي السفن الجارية في البحر بالرّياح جرياً سهلاً، وانتصاب { يسراً } على المصدرية، أو صفة لمصدر محذوف، أو على الحال، أي جرياً ذا يسر، وقيل هي الرّياح، وقيل السحاب، والأوّل أولى. واليسر السهل في كل شيء { فَٱلْمُقَسّمَـٰتِ أَمْراً } هي الملائكة التي تقسم الأمور. قال الفرّاء تأتي بأمر مختلف جبريل بالغلظة، وميكائيل صاحب الرحمة، وملك الموت يأتي بالموت، وقيل تأتي بأمر مختلف من الجدب، والخصب، والمطر، والموت، والحوادث. وقيل هي السحب التي يقسم الله بها أمر العباد، وقيل إن المراد بالذاريات والحاملات والجاريات والمقسمات الرياح، فإنها توصف بجميع ذلك لأنها تذرو التراب، وتحمل السحاب، وتجري في الهواء، وتقسم الأمطار، وهو ضعيف جدًّا. وانتصاب { أمراً } على المفعول به، وقيل على الحال، أي مأمورة، والأوّل أولى { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَـٰدِقٌ } هذا جواب القسم، أي إنما توعدون من الثواب والعقاب، لكائن لا محالة. و " مَا " يجوز أن تكون موصولة والعائد محذوف، وأن تكون مصدرية. ووجه تخصيص هذه الأمور بالإقسام بها كونها أموراً بديعة مخالفة لمقتضى العادة، فمن قدر عليها، فهو قادر على البعث الموعود به. { وَٱلسَّمَاء ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } قرأ الجمهور { الحبك } بضم الحاء والباء، وقرىء بضم الحاء وسكون الباء، وبكسر الحاء وفتح الباء، وبكسر الحاء وضم الباء. قال ابن عطية هي لغات، والمراد بالسماء هنا هي المعروفة، وقيل المراد بها السحاب، والأوّل أولى. واختلف المفسرون في تفسير الحبك فقال مجاهد، وقتادة، والربيع، وغيرهم المعنى ذات الخلق المستوي الحسن. قال ابن الأعرابي كل شيء أحكمته وأحسنت عمله، فقد حبكته واحتبكته. وقال الحسن، وسعيد بن جبير ذات الزينة. وروي عن الحسن أيضاً أنه قال ذات النجوم. وقال الضحاك ذات الطرائق، وبه قال الفرّاء، يقال لما تراه من الماء والرّمل إذا أصابته الريح حبك. قال الفراء الحبك بكسر كل شيء كالرمل إذا مرّت به الريح الساكنة، والماء إذا مرّت به الرّيح، ويقال لدرع الحديد حبك، ومنه قول الشاعر

السابقالتالي
2 3 4 5 6