الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } * { مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَآ أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ } * { وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }

قوله { حـم تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } قد تقدّم الكلام على هذا في سورة غافر وما بعدها مستوفى، وذكرنا وجه الإعراب، وبيان ما هو الحقّ من أن فواتح السور من المتشابه الذي يجب أن يوكل علمه إلى من أنزله { مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } من المخلوقات بأسرها { إِلاَّ بِٱلْحَقّ } هو استثناء مفرّغ من أعمّ الأحوال، أي إلاّ خلقاً ملتبساً بالحقّ الذي تقتضيه المشيئة الإلٰهية، وقوله { وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } معطوف على الحقّ، أي إلاّ بالحقّ، وبأجل مسمى، على تقدير مضاف محذوف، أي وبتقدير أجل مسمى، وهذا الأجل هو يوم القيامة، فإنها تنتهي فيه السمٰوات والأرض وما بينهما، وتبدّل الأرض غير الأرض والسمٰوات. وقيل المراد بالأجل المسمى هو انتهاء أجل كلّ فرد من أفراد المخلوقات، والأوّل أولى، وهذا إشارة إلى قيام الساعة، وانقضاء مدّة الدنيا، وأن الله لم يخلق خلقه باطلاً وعبثاً لغير شيء، بل خلقه للثواب والعقاب. { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّا أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ } أي عما أنذروا وخوّفوا به في القرآن من البعث والحساب والجزاء معرضون مولون غير مستعدّين له، والجملة في محل نصب على الحال، أي والحال أنهم معرضون عنه غير مؤمنين به، و«ما» في قوله { مَا أَنْذِرُواْ } يجوز أن تكون الموصولة، ويجوز أن تكون المصدرية. { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } أي أخبروني ما تعبدون من دون الله من الأصنام { أَرُونِى مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأرْضِ } أي أيّ شيء خلقوا منها، وقوله { أَرُونِىَ } يحتمل أن يكون تأكيداً لقوله { أَرَءيْتُمْ } ، أي أخبروني أروني، والمفعول الثاني لأرأيتم { ماذا خلقوا } ، ويحتمل أن لا يكون تأكيداً، بل يكون هذا من باب التنازع لأن أرأيتم يطلب مفعولاً ثانياً، وأروني كذلك { أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ } أم هذه هي المنقطعة المقدّرة ببل والهمزة، والمعنى بل ألهم شركة مع الله فيها؟ والاستفهام للتوبيخ والتقريع { ٱئْتُونِى بِكِتَـٰبٍ مّن قَبْلِ هَـٰذَا } هذا تبكيت لهم، وإظهار لعجزهم، وقصورهم عن الإتيان بذلك، والإشارة بقوله { هذا } إلى القرآن، فإنه قد صرّح ببطلان الشرك، وأن الله واحد لا شريك له، وأن الساعة حقّ لا ريب فيها، فهل للمشركين من كتاب يخالف هذا الكتاب، أو حجة تنافي هذه الحجة. { أَوْ أَثَـٰرَةٍ مّنْ عِلْمٍ }. قال في الصحاح { أو أثارة من علم } بقية منه، وكذا الأثرة بالتحريك. قال ابن قتيبة أي بقية من علم الأوّلين. وقال الفراء، والمبرد يعني ما يؤثر عن كتب الأوّلين. قال الواحدي وهو معنى قول المفسرين. قال عطاء أو شيء تأثرونه عن نبيّ كان قبل محمد صلى الله عليه وسلم. قال مقاتل أو رواية من علم عن الأنبياء.

السابقالتالي
2 3 4