الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَـٰعِبِينَ } * { مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ } * { يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ } * { طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } * { كَٱلْمُهْلِ يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ } * { كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ } * { خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } * { ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ } * { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } * { إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ } * { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ } * { كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } * { يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ } * { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } * { فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { فَٱرْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ }

قوله { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } أي بين جنسي السماء، والأرض { لاَعِبِينَ } أي لغير غرض صحيح. قال مقاتل لم نخلقهما عابثين لغير شيء. وقال الكلبي لاهين، وقيل غافلين. قرأ الجمهور { وما بينهما } وقرأ عمرو بن عبيد وما بينهنّ لأن السموات، والأرض جمع، وانتصاب { لاعبين } على الحال { مَا خَلَقْنَـٰهُمَا } أي وما بينهما { إِلاَّ بِٱلْحَقّ } أي إلا بالأمر الحق، والاستثناء مفرّغ من أعمّ الأحوال. وقال الكلبي إلا للحق، وكذا قال الحسن، وقيل إلاّ لإقامة الحق، وإظهاره { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أن الأمر كذلك، وهم المشركون { إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ مِيقَـٰتُهُمْ أَجْمَعِينَ } أي إن يوم القيامة الذي يفصل فيه الحق عن الباطل ميقاتهم، أي الوقت المجعول لتمييز المحسن من المسيء، والمحقّ من المبطل، { أجمعين } لا يخرج عنهم أحد من ذلك. وقد اتفق القراء على رفع ميقاتهم على أنه خبر " إن " ، واسمها { يوم الفصل }. وأجاز الكسائي، والفراء نصبه على أنه اسمها، و " يوم الفصل " خبرها. ثم وصف سبحانه ذلك اليوم، فقال { يَوْمَ لاَ يُغْنِى مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً } { يوم } بدل من { يوم الفصل } ، أو منتصب بفعل مضمر يدل عليه الفصل، أي يفصل بينهم يوم لا يغني، ولا يجوز أن يكون معمولاً للفصل لأنه قد وقع الفصل بينهما بأجنبي، والمعنى أنه لا ينفع في ذلك اليوم قريب قريباً، ولا يدفع عنه شيئاً، ويطلق المولى على الوليّ، وهو القريب، والناصر { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } الضمير راجع إلى المولى باعتبار المعنى لأنه نكرة في سياق النفي، وهي من صيغ العموم، أي ولا هم يمنعون من عذاب الله { إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ } قال الكسائي الاستثناء منقطع، أي لكن من رحم الله، وكذا قال الفراء. وقيل هو متصل، والمعنى لا يغني قريب عن قريب إلا المؤمنين، فإنهم يؤذن لهم في الشفاعة، فيشفعون، ويجوز أن يكون مرفوعاً على البدل من { مولى } الأوّل، أو من الضمير في { ينصرون } { إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } أي الغالب الذي لا ينصر من أراد عذابه الرحيم لعباده المؤمنين. ثم لما وصف اليوم ذكر بعده، وعيد الكفار، فقال { إِنَّ شَجَرَةَ ٱلزَّقُّومِ طَعَامُ ٱلأثِيمِ } شجرة الزّقوم هي الشجرة التي خلقها الله في جهنم، وسماها الشجرة الملعونة، فإذا جاع أهل النار التجئوا إليها، فأكلوا منها، وقد مضى الكلام على شجرة الزقوم في سورة الصافات. والأثيم الكثير الإثم. قال في الصحاح أثم الرجل بالكسر إثماً، ومأثماً إذا وقع في الإثم، فهو آثم، وأثيم، وأثوم. فمعنى طعام الأثيم ذي الإثم { كَٱلْمُهْلِ } وهو درديّ الزيت، وعكر القطران. وقيل هو النحاس المذاب.

السابقالتالي
2 3 4