الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { وَإِنَّهُ فِيۤ أُمِّ ٱلْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } * { أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ } * { وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي ٱلأَوَّلِينَ } * { وَمَا يَأْتِيهِم مِّنْ نَّبِيٍّ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { فَأَهْلَكْنَآ أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيمُ } * { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } * { وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْفُلْكِ وَٱلأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ } * { لِتَسْتَوُواْ عَلَىٰ ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا ٱسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } * { وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ } * { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ ٱلإنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ } * { أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِٱلْبَنِينَ } * { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } * { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } * { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ } * { وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }

قوله { حـم * وَٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ } الكلام ها هنا في الإعراب كالكلام الذي قدّمناه فييس * وَٱلْقُرْءانِ ٱلْحَكِيمِ } يسۤ 1، 2، فإن جعلت { حمۤ } قسماً كانت الواو عاطفة، وإن لم تجعل قسماً، فالواو للقسم، وجواب القسم { إِنَّا جَعَلْنَـٰهُ } ، وقال ابن الأنباري من جعل جواب، والكتاب { حمۤ } كما تقول نزل والله، وجب والله وقف على { الكتاب المبين } ، ومعنى { جعلناه } ، أي سميناه، ووصفناه، ولذلك تعدّى إلى مفعولين. وقال السدّي المعنى أنزلناه { قُرْءاناً }. وقال مجاهد قلناه. وقال سفيان الثوري بيناه { عَرَبِيّاً } ، وكذا قال الزجاج، أي أنزل بلسان العرب، لأن كلّ نبي أنزل كتابه بلسان قومه. وقال مقاتل لأن لسان أهل الجنة عربيّ { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } أي جعلنا ذلك الكتاب قرآناً عربياً لكي تفهموه، وتتعقلوا معانيه، وتحيطوا بما فيه. قال ابن زيد لعلكم تتفكرون. { وَإِنَّهُ فِى أُمّ ٱلْكِتَـٰبِ } أي وإن القرآن في اللوح المحفوظ { لَدَيْنَا } أي عندنا { لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ } رفيع القدر محكم النظم لا يوجد فيه اختلاف، ولا تناقض، والجملة عطف على الجملة المقسم بها داخلة تحت معنى القسم، أو مستأنفة مقرّرة لما قبلها. قال الزجاج { أمّ الكتاب } أصل الكتاب، وأصل كلّ شيء أمه، والقرآن مثبت عند الله في اللوح المحفوظ كما قالبَلْ هُوَ قُرْءانٌ مَّجِيدٌ * فِى لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ } البروج 21، 22 وقال ابن جريج المراد بقوله { وَأَنَّهُ } أعمال الخلق من إيمان، وكفر، وطاعة، ومعصية. قال قتادة أخبر عن منزلته، وشرفه، وفضله، أي إن كذبتم به يا أهل مكة، فإنه عندنا شريف رفيع محكم من الباطل. { أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ ٱلذّكْرَ صَفْحاً } يقال ضربت عنه، وأضربت عنه إذا تركته، وأمسكت عنه، كذا قال الفراء، والزجاج، وغيرهما، وانتصاب { صفحاً } على المصدرية، وقيل على الحال، على معنى أفنضرب عنكم الذكر صافحين، والصفح مصدر قولهم صفحت عنه إذا أعرضت عنه، وذلك أنك توليه صفحة وجهك، وعنقك، والمراد بالذكر هنا القرآن، والاستفهام للإنكار، والتوبيخ. قال الكسائي المعنى أفنضرب عنكم الذكر طياً فلا توعظون، ولا تؤمرون. وقال مجاهد، وأبو صالح، والسدّي أفنضرب عنكم العذاب، ولا نعاقبكم على إسرافكم، وكفركم. وقال قتادة المعنى أفنهلككم، ولا نأمركم، ولا ننهاكم؟ وروي عنه أنه قال المعنى أفنمسك عن إنزال القرآن من قبل أنكم لا تؤمنون به؟ وقيل الذكر التذكير، كأنه قال أنترك تذكيركم { أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ } ، قرأ نافع، وحمزة، والكسائي " إن كنتم " بكسر " إن " على أنها الشرطية، والجزاء محذوف لدلالة ما قبله عليه. وقرأ الباقون بفتحها على التعليل، أي لأن كنتم قوماً منهمكين في الإسراف مصرّين عليه، واختار أبو عبيد قراءة الفتح. ثم سلى سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال { وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيّ فِى ٱلأَوَّلِينَ } كم هي الخبرية التي معناها التكثير، والمعنى ما أكثر ما أرسلنا من الأنبياء في الأمم السابقة { وَمَا يَأْتِيهِم مّنْ نَّبِىّ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ } كاستهزاء قومك بك { فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً } أي أهلكنا قوماً أشدّ قوّة من هؤلاء القوم، وانتصاب { بطشاً } على التمييز أو الحال، أي باطشين { وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلأَوَّلِينَ } أي سلف في القرآن ذكرهم غير مرة.

السابقالتالي
2 3 4 5