الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ وَأَوْرَثْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ } * { هُدًى وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } * { لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْـمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَلاَ ٱلْمُسِيۤءُ قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ } * { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَقَالَ رَبُّكُـمُ ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَـارَ مُبْصِـراً إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } * { ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ خَـٰلِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً وَٱلسَّمَآءَ بِنَـآءً وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُـمْ فَتَـبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { هُوَ ٱلْحَيُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَـٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قوله { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ } هذا من جملة ما قصه الله سبحانه قريباً من نصره لرسله، أي آتيناه التوراة، والنبوّة، كما في قوله سبحانهإِنَّا أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ } المائدة44 قال مقاتل الهدى من الضلالة يعني التوراة { وَأَوْرَثْنَا بَنِى إِسْرٰءيلَ ٱلْكِتَـٰبَ * هُدًى وَذِكْرَىٰ لأُوْلِى ٱلاْلْبَـٰبِ } المراد بالكتاب التوراة، ومعنى { أورثنا } أن الله سبحانه لما أنزل التوراة على موسى بقيت بعده فيهم، وتوارثوها خلفاً عن سلف. وقيل المراد بالكتاب سائر الكتب المنزلة على أنبياء بني إسرائيل بعد موت موسى، وهدى، وذكرى في محل نصب على أنهما مفعول لأجله، أي لأجل الهدى، والذكر، أو على أنهما مصدران في موضع الحال، أي هادياً ومذكراً، والمراد بأولي الألباب أهل العقول السليمة. ثم أمر الله، رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر على الأذى، فقال { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } أي اصبر على أذى المشركين كما صبر من قبلك من الرسل إن وعد الله الذي وعد به رسله حقّ لا خلف فيه، ولا شك في وقوعه كما في قوله { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا } ، وقولهوَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ } الصافات 171 ــ 173 قال الكلبي نسخ هذا بآية السيف. ثم أمره سبحانه بالاستغفار لذنبه، فقال { وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ } قيل المراد ذنب أمتك، فهو على حذف مضاف. وقيل المراد الصغائر عند من يجوّزها على الأنبياء. وقيل هو مجرد تعبد له بالاستغفار لزيادة الثواب، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر { وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ بِٱلْعَشِىّ وَٱلإِبْكَارِ } أي دم على تنزيه الله ملتبساً بحمده. وقيل المراد صلّ في الوقتين صلاة العصر، وصلاة الفجر. قاله الحسن، وقتادة. وقيل هما صلاتان ركعتان غدوة، وركعتان عشية، وذلك قبل أن تفرض الصلوات الخمس { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِى ءايَـٰتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَـٰنٍ أَتَـٰهُمْ } أي بغير حجة ظاهرة واضحة جاءتهم من جهة الله سبحانه { إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ } أي ما في قلوبهم إلا تكبراً عن الحق يحملهم على تكذيبك، وجملة { مَّـا هُم بِبَـٰلِغِيهِ } صفة لكبر قال الزجاج المعنى ما في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغي إرادتهم فيه، فجعله على حذف المضاف. وقال غيره ما هم ببالغي الكبر. وقال ابن قتيبة المعنى إن في صدورهم إلا كبر، أي تكبر على محمد صلى الله عليه وسلم، وطمع أن يغلبوه، وما هم ببالغي ذلك. وقيل المراد بالكبر الأمر الكبير، أي يطلبون النبوّة، أو يطلبون أمراً كبيراً يصلون به إليك من القتل، ونحوه، ولا يبلغون ذلك. وقال مجاهد معناه في صدورهم عظمة ما هم ببالغيها.

السابقالتالي
2 3 4 5