الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } * { غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ ذِي ٱلطَّوْلِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } * { مَا يُجَادِلُ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { كَـذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَٱلأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُـلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِٱلْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } * { وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } * { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } * { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

قوله { حـم } قرأ الجمهور بفتح الحاء مشبعاً، وقرأ حمزة، والكسائي بإمالته إمالة محضة. وقرأ أبو عمرو بإمالته بين بين، وقرأ الجمهور { حمۤ } بسكون الميم كسائر الحروف المقطعة. وقرأ الزهري بضمها على أنها خبر مبتدأ مضمر، أو مبتدأ، والخبر ما بعده. وقرأ عيسى بن عمر الثقفي بفتحها على أنها منصوبة بفعل مقدر، أو على أنها حركة بناء لا حركة إعراب. وقرأ ابن أبي إسحاق، وأبو السماك بكسرها لالتقاء الساكنين، أو بتقدير القسم. وقرأ الجمهور بوصل الحاء بالميم. وقرأ أبو جعفر بقطعها. وقد اختلف في معناه، فقيل هو اسم من أسماء الله، وقيل اسم من أسماء القرآن. وقال الضحاك، والكسائي معناه قضى، وجعلاه بمعنى حمّ أي قضى، ووقع، وقيل معناه حمّ أمر الله، أي قرب نصره لأوليائه، وانتقامه من أعدائه. وهذا كله تكلف لا موجب له، وتعسف لا ملجىء إليه، والحق أن هذه الفاتحة لهذه السورة، وأمثالها من المتشابه الذي استأثر الله بعلم معناه كما قدّمنا تحقيقه في فاتحة سورة البقرة. { تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ } هو خبر لـ { حمۤ } على تقدير أنه مبتدأ، أو خبر لمبتدأ مضمر، أو هو مبتدأ، وخبره { مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } قال الرازي المراد بتنزيل المنزل، والمعنى أن القرآن منزل من عند الله ليس بكذب عليه. والعزيز الغالب القاهر، والعليم الكثير العلم بخلقه، وما يقولونه، ويفعلونه. { غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ } قال الفرّاء جعلها كالنعت للمعرفة، وهي نكرة، ووجه قوله هذا أن إضافتها لفظية، ولكنه يجوز أن تجعل إضافتها معنوية كما قال سيبويه إن كل ما إضافته غير محضة يجوز أن تجعل محضة، وتوصف به المعارف إلا الصفة المشبهة. وأما الكوفيون، فلم يستثنوا شيئاً بل جعلوا الصفة المشبهة كاسم الفاعل في جواز جعلها إضافة محضة، وذلك حيث لا يراد بها زمان مخصوص، فيجوّزون في { شديد } هنا أن تكون إضافته محضة. وعلى قول سيبويه لا بدّ من تأويله بمشدّد. وقال الزجاج إن هذه الصفات الثلاث مخفوضة على البدل. وروي عنه أنه جعل غافر، وقابل مخفوضين على الوصف، وشديد مخفوض على البدل، والمعنى غافر الذنب لأوليائه، وقابل توبتهم، وشديد العقاب لأعدائه، والتوب مصدر بمعنى التوبة من تاب يتوب توبة، وتوباً، وقيل هو جمع توبة، وقيل غافر الذنب لمن قال لا إلٰه إلا الله، وقابل التوب من الشرك، وشديد العقاب لمن لا يوحده، وقوله { ذِى ٱلطَّوْلِ } يجوز أن يكون صفة، لأنه معرفة، وأن يكون بدلاً، وأصل الطول الإنعام، والتفضل، أي ذي الإنعام على عباده، والتفضل عليهم. وقال مجاهد ذي الغنى، والسعة. ومنه قولهوَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً } النساء 25 أي غنى، وسعة، وقال عكرمة ذي الطول ذي المنّ.

السابقالتالي
2 3 4