الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } * { لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـآيَاتِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } * { قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونِّيۤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَاهِلُونَ } * { وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ } * { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } * { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } * { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { قِيلَ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ }

قوله { ٱللَّهُ خَـٰلِقُ كُلّ شَىْء } من الأشياء الموجودة في الدنيا، والآخرة كائناً ما كان من غير فرق بين شيء، وشيء وقد تقدّم تفسير هذه الآية في الأنعام { وَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء وَكِيلٌ } أي الأشياء كلها موكولة إليه، فهو القائم بحفظها، وتدبيرها من غير مشارك له. { لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } المقاليد، واحدها مقليد، ومقلاد، أو لا واحد له من لفظه كأساطير، وهي مفاتيح السماوات، والأرض، والرزق، والرحمة. قاله مقاتل، وقتادة، وغيرهما. وقال الليث المقلاد الخزانة، ومعنى الآية له خزائن السماوات، والأرض، وبه قال الضحاك، والسدّي. وقيل خزائن السماوات المطر، وخزائن الأرض النبات. وقيل هي عبارة عن قدرته سبحانه، وحفظه لها، والأوّل أولى. قال الجوهري الإقليد المفتاح، ثم قال والجمع المقاليد. وقيل هي لا إلٰه إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله وبحمده، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوّة إلا بالله. وقيل غير ذلك. { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللَّهِ أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } أي بالقرآن، وسائر الآيات الدالة على الله سبحانه، وتوحيده، ومعنى الخاسرون الكاملون في الخسران لأنهم صاروا بهذا الكفر إلى النار. { قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَـٰهِلُونَ } الاستفهام للإنكار التوبيخي، والفاء للعطف على مقدّر كنظائره، و { غير } منصوب بـ { أعبد } ، وأعبد معمول لـ { تأمروني } على تقدير أن المصدرية، فلما حذفت بطل عملها، والأصل أفتأمروني أن أعبد غير الله. قاله الكسائي، وغيره. ويجوز أن يكون غير منصوباً بتأمروني، وأعبد بدل منه بدل اشتمال، وأن مضمرة معه أيضاً. ويجوز أن يكون غير منصوبة بفعل مقدر، أي أفتلزموني غير الله، أي عبادة غير الله، أو أعبد غير الله أعبد. أمره الله سبحانه أن يقول هذا للكفار لما دعوه إلى ما هم عليه من عبادة الأصنام، وقالوا هو دين آبائك. قرأ الجمهور { تأمروني } بإدغام نون الرفع في نون الوقاية على خلاف بينهم في فتح الياء، وتسكينها. وقرأ نافع تأمروني بنون خفيفة، وفتح الياء، وقرأ ابن عامر تأمرونني بالفك، وسكون الياء. { وَلَقَدْ أُوْحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ } أي من الرسل { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } هذا الكلام من باب التعريض لغير الرسل، لأن الله سبحانه قد عصمهم عن الشرك، ووجه إيراده على هذا الوجه التحذير، والإنذار للعباد من الشرك، لأنه إذا كان موجباً لإحباط عمل الأنبياء على الفرض، والتقدير، فهو محبط لعمل غيرهم من أممهم بطريق الأولى. قيل وفي الكلام تقديم، وتأخير، والتقدير ولقد أوحي إليك لئن أشركت، وأوحي إلى الذين من قبلك كذلك. قال مقاتل أي أوحي إليك وإلى الأنبياء قبلك بالتوحيد والتوحيد محذوف، ثم قال لئن أشركت يا محمد ليحبطن عملك، وهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6