الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ } * { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } * { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } * { وَعَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } * { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } * { وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ ٱمْشُواْ وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } * { مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ } * { أَءُنزِلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فَي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ } * { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ ٱلْعَزِيزِ ٱلْوَهَّابِ } * { أَمْ لَهُم مُّلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُواْ فِى ٱلأَسْبَابِ } * { جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن ٱلأَحَزَابِ }

قوله { ص } قرأ الجمهور بسكون الدال كسائر حروف التهجي في أوائل السور، فإنها ساكنة الأواخر على الوقف. وقرأ أبيّ بن كعب، والحسن، وابن أبي إسحاق، ونصر بن عاصم، وابن أبي عبلة، وأبو السماك بكسر الدال من غير تنوين، ووجه الكسر أنه لالتقاء الساكنين، وقيل وجه الكسر أنه من صادى يصادي إذا عارض، والمعنى صاد القرآن بعملك، أي عارضه بعملك، وقابله، فاعمل به، وهذا حكاه النحاس عن الحسن البصري، وقال إنه فسر قراءته هذه بهذا، وعنه أن المعنى أتله، وتعرّض لقراءته. وقرأ عيسى بن عمر " صاد " بفتح الدال، والفتح لالتقاء الساكنين، وقيل نصب على الإغراء. وقيل معناه صاد محمد قلوب الخلق، واستمالها حتى آمنوا به، ورويت هذه القراءة عن أبي عمرو، وروي عن ابن أبي إسحاق أيضاً أنه قرأ " صاد " بالكسر والتنوين تشبيهاً لهذا الحرف بما هو غير متمكن من الأصوات. وقرأ هارون الأعور، وابن السميفع " صاد " بالضم من غير تنوين على البناء نحو منذ، وحيث. وقد اختلف في معنى «صاد»، فقال الضحاك معناه صدق الله. وقال عطاء صدق محمد. وقال سعيد بن جبير هو بحر يحيـي الله به الموتى بين النفختين. وقال محمد بن كعب هو مفتاح اسم الله. وقال قتادة هو اسم من أسماء الله. وروي عنه أنه قال هو اسم من أسماء الرحمٰن. وقال مجاهد هو فاتحة السورة. وقيل هو مما استأثر الله بعلمه، وهذا هو الحقّ كما قدّمنا في فاتحة سورة البقرة. قيل وهو إما اسم للحروف مسروداً على نمط التعبد، أو اسم للسورة، أو خبر مبتدأ محذوف، أو منصوب بإضمار اذكر، أو اقرأ، والواو في قوله { وَٱلْقُرْءانِ ذِى ٱلذِّكْرِ } هي واو القسم، والإقسام بالقرآن فيه تنبيه على شرف قدره، وعلوّ محله، ومعنى { ذِى ٱلذّكْرِ } أنه مشتمل على الذكر الذي فيه بيان كل شيء. قال مقاتل معنى { ذِى ٱلذّكْرِ } ذي البيان. وقال الضحاك ذي الشرف كما في قولهلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَـٰباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ } الأنبياء 10 أي شرفكم، وقيل أي ذي الموعظة. واختلف في جواب هذا القسم ما هو؟ فقال الزجاج، والكسائي، والكوفيون غير الفراء إنه قولهإِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ } صۤ 64، وقال الفراء لا نجده مستقيماً لتأخره جدًّا عن قوله { وَٱلْقُرْءانِ } ، ورجح هو، وثعلب أن الجواب قوله { كَمْ أَهْلَكْنَا } ، وقال الأخفش الجواب هو { إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ ٱلرٌّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ } ، وقيل هو صاد، لأن معناه حقّ، فهو جواب لقوله { وَٱلْقُرْءانِ } كما تقول حقاً والله، وجب والله. ذكره ابن الأنباري، وروي أيضاً عن ثعلب، والفراء، وهو مبنيّ على أن جواب القسم يجوز تقدّمه، وهو ضعيف.

السابقالتالي
2 3 4 5