الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ يٰوَيْلَنَا هَـٰذَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } * { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ } * { مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ } * { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } * { مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ } * { بَلْ هُمُ ٱلْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ } * { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } * { قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } * { وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ } * { فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ } * { فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ } * { فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } * { إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } * { وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ } * { بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ } * { وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ } * { فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ } * { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } * { عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } * { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } * { بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ } * { لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } * { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ } * { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ }

قوله { وَقَالُواْ يٰوَيْلَنَا } أي قال أولئك المبعوثون لما عاينوا البعث الذي كانوا يكذبون به في الدنيا يا ويلنا، دعوا بالويل على أنفسهم. قال الزجاج الويل كلمة يقولها القائل وقت الهلكة، وقال الفراء إن أصله يا وي لنا، ووي بمعنى الحزن كأنه قال يا حزن لنا. قال النحاس ولو كان كما قال لكان منفصلاً، وهو في المصحف متصل، ولا نعلم أحداً يكتبه إلا متصلاً، وجملة { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلدّينِ } تعليل لدعائهم بالويل على أنفسهم، والدين الجزاء، فكأنهم قالوا هذا اليوم الذي نجازى فيه بأعمالنا من الكفر، والتكذيب للرسل، فأجاب عليهم الملائكة بقولهم { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ ٱلَّذِى كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ } ، ويجوز أن يكون هذا من قول بعضهم لبعض، والفصل الحكم، والقضاء لأنه يفصل فيه بين المحسن، والمسيء. وقوله { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوٰجَهُمْ } هو أمر من الله سبحانه للملائكة بأن يحشروا المشركين، وأزواجهم، وهم أشباههم في الشرك، والمتابعون لهم في الكفر، والمشايعون لهم في تكذيب الرسل، كذا قال قتادة، وأبو العالية. وقال الحسن، ومجاهد المراد بأزواجهم نساؤهم المشركات الموافقات لهم على الكفر، والظلم. وقال الضحاك أزواجهم قرناؤهم من الشياطين يحشر كلّ كافر مع شيطانه، وبه قال مقاتل { وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الأصنام، والشياطين، وهذا العموم المستفاد من " ما " الموصولة، فإنها عبارة عن المعبودين، لا عن العابدين، كما قيل - مخصوص لأن من طوائف الكفار من عبد المسيح، ومنهم من عبد الملائكة، فيخرجون بقولهإِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } الأنبياء 101، ووجه حشر الأصنام مع كونها جمادات لا تعقل هو زيادة التبكيت لعابديها، وتخجيلهم، وإظهار أنها لا تنفع، ولا تضرّ. { فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرٰطِ ٱلْجَحِيمِ } أي عرّفوا هؤلاء المحشورين طريق النار، وسوقوهم إليها، يقال هديته الطريق، وهديته إليها، أي دللته عليها، وفي هذا تهكم بهم. { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } أي احبسوهم، يقال وقفت الدابة أقفها وقفاً، فوقفت هي وقوفاً يتعدّى، ولا يتعدّى، وهذا الحبس لهم يكون قبل السوق إلى جهنم، أي وقفوهم للحساب، ثم سوقوهم إلى النار بعد ذلك، وجملة { إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } تعليل للجملة الأولى. قال الكلبي أي مسئولون عن أعمالهم وأقوالهم وأفعالهم. وقال الضحاك عن خطاياهم، وقيل عن لا إلٰه إلاّ الله، وقيل عن ظلم العباد، وقيل هذا السؤال هو المذكور بعد هذا بقوله { مَا لَكُمْ لاَ تَنَـٰصَرُونَ } أي أيّ شيء لكم لا ينصر بعضكم بعضاً كما كنتم في الدنيا، وهذا توبيخ لهم، وتقريع وتهكم بهم، وأصله تتناصرون، فطرحت إحدى التاءين تخفيفاً. قرأ الجمهور { إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } بكسر الهمزة، وقرأ عيسى بن عمر بفتحها.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7