الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } * { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } * { ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ } * { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } * { ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } * { وَقَالُوۤاْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ } * { قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ }

قوله { الۤـمۤ } قد قدمنا الكلام على فاتحة هذه السورة وعلى محلها من الإعراب في سورة البقرة وفي مواضع كثيرة من فواتح السور، وارتفاع { تَنزِيلَ } على أنه خبر لمبتدأ محذوف أو خبر بعد خبر على تقدير أنّ { الۤمۤ } في محل رفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أو خبر لقوله { الۤمۤ } على تقدير أنه اسم للسورة، و { لاَ رَيْبَ فِيهِ } في محل نصب على الحال، ويجوز أن يكون ارتفاع { تنزيل } على أنه مبتدأ وخبره لا ريب فيه، و { من ربّ العالمين } في محل نصب على الحال، ويجوز أن تكون هذه كلها أخباراً للمبتدأ المقدر قبل { تنزيل } ، أو لقوله { الۤمۤ } على تقدير أنه مبتدأ لا على تقدير أنه حروف مسرودة على نمط التعديد. قال مكي وأحسن الوجوه أن تكون { لا ريب فيه } في موضع الحال، و { مِن رَّبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } الخبر، والمعنى على هذه الوجوه أن تنزيل الكتاب المتلوّ لا ريب فيه ولا شك وأنه منزل من ربّ العالمين، وأنه ليس بكذب ولا سحر ولا كهانة ولا أساطير الأوّلين. و «أم» في { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } هي المنقطعة التي بمعنى بل، والهمزة، أي بل أيقولون هو مفترى؟ فأضرب عن الكلام الأوّل إلى ما هو معتقد الكفار مع الاستفهام المتضمن للتقريع والتوبيخ، ومعنى { افتراه } افتعله واختلقه، ثم أضرب عن معتقدهم إلى بيان ما هو الحق في شأن الكتاب، فقال { بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكَ } فكذبهم سبحانه في دعوى الافتراء، ثم بيّن العلة التي كان التنزيل لأجلها، فقال { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَـٰهُم مّن نَّذِيرٍ مّن قَبْلِكَ } وهم العرب وكانوا أمة أمية لم يأتهم رسول. وقيل قريش خاصة، والمفعول الثاني { لتنذر } محذوف، أي لتنذر قوماً العقاب، وجملة { ما أتاهم من نذير } في محل نصب على الحال، و { من قبلك } صفة لنذير. وجوّز أبو حيان أن تكون ما موصولة، والتقدير لتنذر قوماً العقاب الذي أتاهم من نذير من قبلك، وهو ضعيف جدّاً، فإن المراد تعليل الإنزال بالإنذار لقوم لم يأتهم نذير قبله، لا تعليله بالإنذار لقوم قد أنذروا بما أنذرهم به. وقيل المراد بالقوم أهل الفترة ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم { لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } رجاء أن يهتدوا، أو كي يهتدوا. { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } قد تقدّم تفسير هذه الآية في سورة الأعراف، والمراد من ذكرها هنا تعريفهم كمال قدرته وعظيم صنعه ليسمعوا القرآن ويتأملوه، ومعنى خلق أوجد وأبدع. قال الحسن الأيام هنا هي من أيام الدنيا. وقيل مقدار اليوم ألف سنة من سني الدنيا، قاله الضحاك.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7