الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ }

قوله { شَهِدَ ٱللَّهُ } أي بين وأعلم. قال الزجاج الشاهد هو الذي يعلم الشيء، ويبينه، فقد دلنا الله على وحدانيته بما خلق وبيّن، وقال أبو عبيدة شهد الله بمعنى قضى، أي أعلم. قال ابن عطية وهذا مردود من جهات، وقيل إنها شبهت دلالته على وحدانيته بأفعاله، ووحيه بشهادة الشاهد في كونها مبينة. وقوله { أنه } بفتح الهمزة. قال المبرد أي بأنه ثم حذفت الباء، كما في أمرتك الخير، أي بالخير. وقرأ ابن عباس «إنه» بكسر الهمزة بتضمين { شهد } معنى " قال ". وقرأ أبو المهلب «شهداء لله» بالنصب على أنه حال من الصابرين، وما بعده، أو على المدح { وَٱلْمَلَـئِكَةُ } عطف على الاسم الشريف، وشهادتهم إقرارهم بأنه لا إلٰه إلا الله. وقوله { وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ } معطوف أيضاً على ما قبله، وشهادتهم بمعنى الإيمان منهم، وما يقع من البيان للناس على ألسنتهم، وعلى هذا لا بدّ من حمل الشهادة على معنى يشمل شهادة الله، وشهادة الملائكة، وأولي العلم. وقد اختلف في أولي العلم هؤلاء من هم؟ فقيل هم الأنبياء وقيل المهاجرون، والأنصار، قاله ابن كيسان. وقيل مؤمنو أهل الكتاب، قاله مقاتل. وقيل المؤمنون كلهم، قاله السدي، والكلبي، وهو الحق إذ لا وجه للتخصيص. وفي ذلك فضيلة لأهل العلم جليلة، ومنقبة نبيلة لقربهم باسمه، واسم ملائكته، والمراد بأولي العلم هنا علماء الكتاب، والسنة، وما يتوصل به إلى معرفتهما، إذ لا اعتداد بعلم لا مدخل له في العلم الذي اشتمل عليه الكتاب العزيز، والسنة المطهرة. وقوله { قَائِمَاً بِٱلْقِسْطِ } أي العدل، أي قائماً بالعدل في جميع أموره، أو مقيماً له، وانتصاب { قائماً } على الحال من الاسم الشريف. قال في الكشاف إنها حال مؤكدة كقولهوَهُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدّقًا } البقرة 91 وجاز إفراده سبحانه بذلك دون ما هو معطوف عليه من الملائكة، وأولي العلم لعدم اللبس، وقيل إنه منصوب على المدح. وقيل إنه صفة لقوله { إِلَـهٍ } أي لا إلٰه قائماً بالقسط، إلا هو، أو هو حال من قوله { إِلاَّ هُوَ } والعامل فيه معنى الجملة. وقال الفراء هو منصوب على القطع لأن أصله الألف، واللام، فلما قطعت نصب كقولهوَلَهُ ٱلدّينُ وَاصِبًا } النحل 52 ويدل عليه قراءة عبد الله بن مسعود " القائم بالقسط ". وقوله { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } تكرير لقصد التأكيد وقيل إن قوله { أَنَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } كالدعوى، والأخيرة كالحكم. وقال جعفر الصادق الأولى وصف، وتوحيد، والثانية رسم، وتعليم. وقوله { ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } مرتفعان على البدلية من الضمير، أو الوصفية لفاعل شهد لتقرير معنى الوحدانية. قوله { إِنَّ الدّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ }.

السابقالتالي
2 3 4