الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ طسۤمۤ } * { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } * { وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ } * { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِيۤ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ } * { وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلاۤ أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } * { فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

الكلام في فاتحة هذه السورة قد مرّ في فاتحة الشعراء وغيرها، فلا نعيده، وكذلك مرّ الكلام على قوله { تِلْكَ ءَايَاتُ ٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ } فاسم الإشارة مبتدأ خبره ما بعده، أو خبر مبتدأ محذوف، و { آيات } بدل من اسم الإشارة، ويجوز أن يكون تلك في موضع نصب بـ { نتلو } ، والمبين المشتمل على بيان الحق من الباطل. قال الزجاج مبين الحق من الباطل، والحلال من الحرام، وهو من أبان بمعنى أظهر { نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي نوحي إليك من خبرهما ملتبساً بالحق، وخص المؤمنين لأن التلاوة إنما ينتفع بها المؤمن، وقيل إن مفعول نتلو محذوف، والتقدير نتلو عليك شيئاً من نبئهما، ويجوز أن تكون " من " مزيدة على رأي الأخفش أي نتلو عليك نبأ موسى وفرعون، والأولى أن تكون للبيان على تقدير المفعول كما ذكر أو للتبعيض، ولا ملجىء للحكم بزيادتها، والحق الصدق، وجملة { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } وما بعدها مستأنفة مسوقة لبيان ما أجمله من النبأ. قال المفسرون معنى { علا } تكبر، وتجبر بسلطانه، والمراد بالأرض أرض مصر. وقيل معنى { علا } ادعى الربوبية، وقيل علا عن عبادة ربه { وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً } أي فرقاً، وأصنافاً في خدمته يشايعونه على ما يريد، ويطيعونه، وجملة { يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مّنْهُمْ } مستأنفة مسوقة لبيان حال الأهل الذين جعلهم فرقاً وأصنافاً، ويجوز أن تكون في محلّ نصب على الحال من فاعل جعل، أي جعلهم شيعاً حال كونهم مستضعفاً طائفة منهم، ويجوز أن تكون صفة لطائفة، والطائفة هم بنو إسرائيل، وجملة { يُذَبّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْييِ نِسَاءهُمْ } بدل من الجملة الأولى، ويجوز أن تكون مستأنفة للبيان، أو حالاً، أو صفة كالتي قبلها على تقدير عدم كونها بدلاً منها، وإنما كان فرعون يذبح أبناءهم، ويترك النساء لأن المنجمين في ذلك العصر أخبروه أنه يذهب ملكه على يد مولود من بني إسرائيل. قال الزجاج والعجب من حمق فرعون، فإن الكاهن الذي أخبره بذلك إن كان صادقاً عنده فما ينفع القتل، وإن كان كاذباً فلا معنى للقتل { إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } في الأرض بالمعاصي والتجبر، وفيه بيان أن القتل من فعل أهل الإفساد. { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ } جاء بصيغة المضارع لحكاية الحالة الماضية، واستحضار صورتها، أي نريد أن نتفضل عليهم بعد استضعافهم، والمراد بهؤلاء بنو إسرائيل، والواو في { ونريد } للعطف على جملة { إن فرعون علا } ، وإن كانت الجملة المعطوف عليها اسمية لأن بينهما تناسباً من حيث أن كل واحدة منهما للتفسير والبيان، ويجوز أن تكون حالاً من فاعل { يستضعف } بتقدير مبتدأ، أي ونحن نريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض كما في قول الشاعر

السابقالتالي
2 3 4 5 6