الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } * { أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } * { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوۤاْ آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } * { فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } * { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ } * { قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ } * { أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } * { أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } * { أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { أَمَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } * { بَلِ ٱدَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ }

انتصاب { لوطاً } بفعل مضمر معطوف على أرسلنا، أي وأرسلنا لوطاً، و { إِذْ قَالَ } ظرف للفعل المقدر، ويجوز أن يقدر اذكر والمعنى وأرسلنا لوطاً وقت قوله لقومه { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } أي الفعلة المتناهية في القبح والشناعة، وهم أهل سدوم، وجملة { وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } في محل نصب على الحال متضمنة لتأكيد الإنكار أي وأنتم تعلمون أنها فاحشة. وذلك أعظم لذنوبكم، على أن { تبصرون } من بصر القلب، وهو العلم، أو بمعنى النظر، لأنهم كانوا لا يستترون حال فعل الفاحشة عتوًّا وتمرّداً، وقد تقدّم تفسير هذه القصة في الأعراف مستوفى. { أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرّجَالَ شَهْوَةً } فيه تكرير للتوبيخ مع التصريح بأن تلك الفاحشة هي اللواطة، وانتصاب { شهوة } على العلة أي للشهوة، أو على أنه صفة لمصدر محذوف، أي إتياناً شهوة، أو أنه بمعنى الحال، أي مشتهين لهم { مّن دُونِ ٱلنّسَاء } أي متجاوزين النساء اللاتي هنّ محل لذلك { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } التحريم، أو العقوبة على هذه المعصية، واختار الخليل وسيبويه تخفيف الهمزة من أئنكم. { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُواْ ءَالَ لُوطٍ مّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } قرأ الجمهور بنصب { جواب } على أنه خبر كان، واسمها { إلاّ أن قالوا } أي إلاّ قولهم. وقرأ ابن أبي إسحاق برفع جواب على أنه اسم كان، وخبرها ما بعده، ثم علّلوا ما أمروا به بعضهم بعضاً من الإخراج بقولهم إنهم أناس يتطهرون أي يتنزهون عن أدبار الرجال! قالوا ذلك استهزاء منهم بهم. { فَأَنجَيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُ } من العذاب { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَـٰهَا مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } أي قدّرنا أنها من الباقين في العذاب، ومعنى { قدرنا } قضينا، قرأ الجمهور قدّرنا بالتشديد، وقرأ عاصم بالتخفيف. والمعنى واحد مع دلالة زيادة البناء على زيادة المعنى { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًا } هذا التأكيد يدل على شدّة المطر، وأنه غير معهود { فَسَاء مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ } المخصوص بالذم محذوف أي ساء مطر المنذرين مطرهم، والمراد بالمنذرين الذين أنذروا، فلم يقبلوا، وقد مضى بيان هذا كله في الأعراف والشعراء. { قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَـٰمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ } قال الفراء قال أهل المعاني قيل للوط قل الحمد لله على هلاكهم، وخالفه جماعة فقالوا إن هذا خطاب لنبينا صلى الله عليه وسلم، أي قيل الحمد لله على هلاك كفار الأمم الخالية، وسلام على عباده { ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَى } قال النحاس وهذا أولى لأن القرآن منزل على النبي صلى الله عليه وسلم، وكلّ ما فيه فهو مخاطب به إلاّ ما لم يصحّ معناه إلا لغيره. قيل والمراد بعباده الذين اصطفى أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والأولى حمله على العموم، فيدخل في ذلك الأنبياء وأتباعهم { ءَآللَّهِ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ } أي آلله الذي ذكرت أفعاله وصفاته الدالة على عظيم قدرته خير أما يشركون به من الأصنام؟ وهذه الخيرية ليست بمعناها الأصلي، بل هي كقول الشاعر

السابقالتالي
2 3 4 5 6