الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ طسۤ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ } * { هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُم بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ وَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } * { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } * { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } * { فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { يٰمُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوۤءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ }

قوله { طسۤ } قد مرّ الكلام مفصلاً في فواتح السور، وهذه الحروف إن كانت اسماً للسورة، فمحلها الرفع على الابتداء، وما بعده خبره، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هذا اسم هذه السورة، وإن لم تكن هذه الحروف اسماً للسورة، بل مسرودة على نمط التعديد، فلا محل لها، والإشارة بقوله { تِلْكَ } إلى نفس السورة لأنها قد ذكرت إجمالاً بذكر اسمها، واسم الإشارة مبتدأ، وخبره { آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ } والجملة خبر المبتدأ الأوّل على تقدير أنه مرتفع بالإبتداء { وَكِتَـٰب مُّبِين } قرأ الجمهور بجرّ كتاب عطفاً على القرآن أي تلك آيات القرآن وآيات كتاب مبين، ويحتمل أن يكون المراد بقوله { وَكِتَـٰب } القرآن نفسه، فيكون من عطف بعض الصفات على بعض مع اتحاد المدلول، وأن يكون المراد بالكتاب اللوح المحفوظ، أو نفس السورة، وقرأ ابن أبي عبلة " وكتاب مبين " برفعهما عطفاً على آيات. وقيل هو على هذه القراءة على تقدير مضاف محذوف، وإقامة المضاف إليه مقامه أي وآيات كتاب مبين، فقد وصف الآيات بالوصفين القرآنية الدالة على كونه مقروءاً مع الإشارة إلى كونه قرآناً عربياً معجزاً، والكتابية الدالة على كونه مكتوباً مع الإشارة إلى كونه متصفاً بصفة الكتب المنزلة، فلا يكون على هذا من باب عطف صفة على صفة مع اتحاد المدلول، ثم ضم إلى الوصفين وصفاً ثالثاً، وهي الإبانة لمعانيه لمن يقرؤه، أو هو من أبان بمعنى بان، معناه واتضح إعجازه بما اشتمل عليه من البلاغة. وقدّم وصف القرآنية هنا نظراً إلى تقدّم حال القرآنية على حال الكتابة، وأخَّره في سورة الحجر، فقالالرَ تِلْكَ ءَايَـٰتُ ٱلْكِتَـٰبِ وَقُرْءانٍ مُّبِينٍ } الحجر 1. نظراً إلى حالته التي قد صار عليها، فإنه مكتوب. والكتابة سبب القراءة، والله أعلم. وأما تعريف القرآن هنا، وتنكير الكتاب، وتعريف الكتاب في سورة الحجر، وتنكير القرآن فلصلاحية كلّ واحد منهما للتعريف، والتنكير. { هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } في موضع نصب على الحال من الآيات أو من الكتاب أي تلك آيات هادية ومبشرة، ويجوز أن يكون في محل رفع على الإبتداء، أي هو هدى، أو هما خبران آخران لتلك، أو هما مصدران منصوبان بفعل مقدّر، أي يهدي هدى، ويبشر بشرى. ثم وصف المؤمنين الذي لهم الهدى والبشرى، فقال { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ } ، والموصول في محل جرّ، أو يكون بدلاً أو بياناً، أو منصوباً على المدح، أو مرفوعاً على تقدير مبتدأ. والمراد بالصلاة الصلوات الخمس، والمراد بالزكاة الزكاة المفروضة، وجملة { وَهُم بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } في محل نصب على الحال، وكرّر الضمير للدلالة على الحصر، أي لا يوقن بالآخرة حقّ الإيقان إلاّ هؤلاء الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح، وجعل الخبر مضارعاً للدلالة على التجدد في كلّ وقت، وعدم الانقطاع.

السابقالتالي
2 3 4 5 6