الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } * { قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبْعِ وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } * { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } * { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ } * { رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ } * { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } * { وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ } * { وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ }

أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأل الكفار عن أمور لا عذر لهم من الاعتراف فيها، ثم أمره أن ينكر عليهم بعد الاعتراف منهم ويوبخهم فقال { قُل لّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَا } أي قل يا محمد لأهل مكة هذه المقالة، والمراد بمن في الأرض الخلق جميعاً، وعبر عنهم بمن تغليباً للعقلاء { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } شيئاً من العلم، وجواب الشرط محذوف، أي إن كنتم تعلمون فأخبروني، وفي هذا تلويح بجهلهم وفرط غباوتهم { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } أي لا بدّ لهم أن يقولوا ذلك لأنه معلوم ببديهة العقل. ثم أمره سبحانه أن يقول لهم بعد اعترافهم { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } ترغيباً لهم في التدبر وإمعان النظر والفكر، فإن ذلك مما يقودهم إلى اتباع الحق وترك الباطل لأن من قدر على ذلك ابتداء قدر على إحياء الموتى. { قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَاتِ السبعِ وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } جاء سبحانه باللام نظراً إلى معنى السؤال، فإن قولك من ربه، ولمن هو في معنى واحد، كقولك من ربّ هذه الدار؟ فيقال زيد، ويقال لزيد. وقرأ أبو عمرو، وأهل العراق " سيقولون الله " بغير لام نظراً إلى لفظ السؤال، وهذه القراءة أوضح من قراءة الباقين باللام، ولكنه يؤيد قراءة الجمهور أنها مكتوبة في جميع المصاحف باللام بدون ألف، وهكذا قرأ الجمهور في قوله { قل من بيده ملكوت كلّ شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله } باللام نظراً إلى معنى السؤال كما سلف. وقرأ أبو عمرو وأهل العراق بغير لام نظراً إلى لفظ السؤال، ومثل هذا قول الشاعر
إذا قيل من ربّ المزالف والقرى وربّ الجياد الجرد قيل لخالد   
أي لمن المزالف، والملكوت الملك، وزيادة التاء للمبالغة، نحو جبروت ورهبوت، ومعنى { وَهُوَ يُجْيِرُ } أنه يغيث غيره إذا شاء ويمنعه { وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } أي لا يمنع أحد أحداً من عذاب الله ولا يقدر على نصره وإغاثته، يقال أجرت فلاناً إذا استغاث بك فحميته، وأجرت عليه إذا حميت عنه { قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } قال الفراء والزجاج أي تصرفون عن الحق وتخدعون، والمعنى كيف يخيل لكم الحق باطلاً والصحيح فاسداً؟ والخادع لهم هو الشيطان أو الهوى أو كلاهما. ثم بين سبحانه أنه قد بالغ في الاحتجاج عليهم فقال { بَلْ أَتَيْنَـٰهُمْ بِٱلْحَقّ } أي الأمر الواضح الذي يحقّ اتباعه { وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } فيما ينسبونه إلى الله سبحانه من الولد والشريك، ثم نفاهما عن نفسه فقال { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ } " من " في الموضعين زائدة لتأكيد النفي.

السابقالتالي
2