الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يَطْغَىٰ } * { قَالَ لاَ تَخَافَآ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ } * { فَأْتِيَاهُ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَٱلسَّلاَمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ } * { إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ ٱلْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ } * { قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } * { قَالَ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ } * { قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى } * { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ } * { كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } * { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ } * { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ } * { قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ } * { فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى } * { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى }

قرأ الجمهور { أن يفرط } بفتح الياء وضم الراء، ومعنى ذلك أننا نخاف أن يعجل ويبادر بعقوبتنا، يقال فرط منه أمر، أي بدر، ومنه الفارط، وهو الذي يتقدّم القوم إلى الماء، أي يعذبنا عذاب الفارط في الذنب، وهو المتقدّم فيه، كذا قال المبرد، وقال أيضاً فرط منه أمر وأفرط أسرف، وفرط ترك. وقرأ ابن محيصن " يفرط " بضم الياء وفتح الراء، أي يحمله حامل على التسرّع إلينا، وقرأت طائفة بضم الياء وكسر الراء، ومنهم ابن عباس ومجاهد، وعكرمة من الإفراط، أي يشتطّ في أذيتنا. قال الراجز
قد أفرط العلج علينا وعجل   
ومعنى { أَوْ أَن يَطْغَىٰ } قد تقدّم قريباً، وجملة { قَالَ لاَ تَخَافَا } مستأنفة جواب سؤال مقدّر، نهى لهما عن الخوف الذي حصل معهما من فرعون، ثم علل ذلك بقوله { إِنَّنِى مَعَكُمَا } أي بالنصر لهما، والمعونة على فرعون، ومعنى { أَسْمَعُ وَأَرَىٰ } إدراك ما يجري بينهما وبينه، بحيث لا يخفى عليه سبحانه منه خافية، وليس بغافل عنهما، ثم أمرهما بإتيانه الذي هو عبارة عن الوصول إليه بعد أمرهما بالذهاب إليه فلا تكرار. { فَقُولا إِنَّا رَسُولاَ رَبّكَ } أرسلنا إليك { فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرٰءيلَ } أي خلّ عنهم وأطلقهم من الأسر { وَلاَ تُعَذّبْهُمْ } بالبقاء على ما كانوا عليه،وقد كانوا عند فرعون في عذاب شديد يذبح أبناءهم، ويستحيـي نساءهم، ويكلفهم من العمل ما لا يطيقونه، ثم أمرهما سبحانه أن يقولا لفرعون { قَدْ جِئْنَـٰكَ بِـئَايَةٍ مّن رَّبّكَ } قيل هي العصا واليد. وقيل إن فرعون قال لهما وما هي؟ فأدخل موسى يده في جيب قميصه، ثم أخرجها لها شعاع كشعاع الشمس، فعجب فرعون من ذلك، ولم يره موسى العصا إلا يوم الزينة { وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ } أي السلامة. قال الزجاج أي من اتبع الهدى سلم من سخط الله عزّ وجلّ ومن عذابه، وليس بتحية، قال والدليل على ذلك أنه ليس بابتداء لقاء ولا خطاب. قال الفراء السلام على من اتبع الهدى، ولمن اتبع الهدى سواء. { إِنَّا قَدْ أُوحِىَ إِلَيْنَا } من جهة الله سبحانه { أَنَّ ٱلْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } المراد بالعذاب الهلاك والدمار في الدنيا والخلود في النار. والمراد بالتكذيب التكذيب بآيات الله وبرسله. والتولي الإعراض عن قبولها والإيمان بها. { قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ } أي قال فرعون لهما فمن ربكما؟ فأضاف الربّ إليهما ولم يضفه إلى نفسه لعدم تصديقه لهما ولجحده للربوبية. وخص موسى بالنداء لكونه الأصل في الرسالة وقيل لمطابقة رؤوس الآي. { قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِى أَعْطَىٰ كُلَّ شَيء خَلْقَهُ } أي قال موسى مجيباً له، و { ربنا } مبتدأ، وخبره { ٱلَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيء خَلْقَهُ } ، ويجوز أن يكون { ربنا } خبر مبتدأ محذوف، وما بعده صفته.

السابقالتالي
2 3 4 5 6