الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلٰوةَ وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }

هو وصف للمتقين كاشف. والإيمان في اللغة التصديق، وفي الشرع ما سيأتي. والغيب في كلام العرب كل ما غاب عنك. قال القرطبي واختلف المفسرون في تأويل الغيب هنا، فقالت فرقة الغيب في هذه الآية هو الله سبحانه، وضعفه ابن العربي. وقال آخرون القضاء والقدر. وقال آخرون القرآن وما فيه من الغيوب. وقال آخرون الغيب كل ما أخبر به الرسول مما لا تهتدي إليه العقول من أشراط الساعة، وعذاب القبر، والحشر والنشر، والصراط، والميزان، والجنة، والنار. قال ابن عطية وهذه الأقوال لا تتعارض بل يقع الغيب على جميعها، قال وهذا هو الإيمان الشرعي المشار إليه في حديث جبريل حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم " فأخبرني عن الإيمان؟ قال أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره، وشرّه، قال صدقت " انتهى. وهذا الحديث هو ثابت في الصحيح بلفظ «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والقدر خيره، وشرّه». وقد أخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن منده، وأبو نعيم، كلاهما في معرفة الصحابة عن تويلة بنت أسلم قالت «صليت الظهر، أو العصر في مسجد بني حارثة، فاستقبلنا مسجد إيليا، فصلينا سجدتين، ثم جاءنا من يخبرنا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استقبل البيت، فتحوّل الرجال مكان النساء، والنساء مكان الرجال، فصلينا السجدتين الباقيتين، ونحن مستقبلون البيت الحرام، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أولئك قوم آمنوا بالغيب». وأخرج البزار، وأبو يعلى، والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب، قال «كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال " أنبئوني بأفضل أهل الإيمان إيماناً؟ " فقالوا يا رسول الله الملائكة، قال " هم كذلك، ويحق لهم، وما يمنعهم، وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها " قالوا يا رسول الله الأنبياء الذين أكرمهم الله برسالته، والنبوّة، قال " هم كذلك، ويحق لهم، وما يمنعهم، وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها " قالوا يا رسول الله الشهداء الذين استشهدوا مع الأنبياء، قال " هم كذلك، وما يمنعهم، وقد أكرمهم الله بالشهادة " قالوا فمن يا رسول الله؟ قال " أقوام في أصلاب الرجال يأتون من بعدي يؤمنون بي، ولم يروني، ويصدقوني ولم يروني، يجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيماناً " وفي إسناده محمد بن أبي حميد، وفيه ضعف. وأخرج الحسن بن عرفة في حزبه المشهور، والبيهقي في الدلائل عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحو الحديث الأول، وفي إسناده المغيرة بن قيس البصري، وهو منكر الحديث.

السابقالتالي
2 3