الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَـٰنَهُ بَل لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } * { بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ أَوْ تَأْتِينَآ آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }

قوله { وَقَالُواْ } هم اليهود والنصارى، وقيل اليهود أي قالواعُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ } التوبة 30 وقيل النصارى أيقَالُواْ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ } التوبة 30 وقيل هم كفار العرب أي قالوا الملائكة بنات الله. وقوله { سُبْحَـٰنَهُ } قد تقدم تفسيره، والمراد هنا تبرؤ الله تعالى عما نسبوه إليه من اتخاذ الولد. وقوله { بَل لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضَ } ردّ على القائلين بأنه اتخذ ولداً، أي بل هو مالك لما في السموات، والأرض، وهؤلاء القائلون داخلون تحت ملكه، والولد من جنسهم لا من جنسه، ولا يكون الولد إلا من جنس الوالد. والقانت المطيع الخاضع، أي كل من في السموات والأرض مطيعون له، خاضعون لعظمته، خاشعون لجلاله. والقنوت في أصل اللغة أصله القيام. قال الزجاج فالخلق قانتون، أي قائمون بالعبودية، إما إقراراً، وإما أن يكونوا على خلاف ذلك، فأثر الصنعة بين عليهم، وقيل أصله الطاعة، ومنهوَٱلْقَـٰنِتِينَ وَٱلْقَـٰنِتَـٰتِ } الأحزاب 35 وقيل السكون، ومنه قولهوَقُومُواْ لِلَّهِ قَـٰنِتِينَ } البقرة 238 ولهذا قال زيد بن أرقم كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت { وَقُومُواْ لِلَّهِ قَـٰنِتِينَ } فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام. وقيل القنوت الصلاة، ومنه قول الشاعر
قَانِتاً لله يَتْلو كتُبْه وَعَلى عَمدٍ من النَّاسِ اعْتَزَل   
والأولى أن القنوت لفظ مشترك بين معان كثيرة، قيل هي ثلاثة عشر معنى، وهي مبنية، وقد نظمها بعض أهل العلم، كما أوضحت ذلك في شرحي علم المنتقى. وبديع فعيل للمبالغة، وهو خبر مبتدأ، محذوف، أي هو بديع سمواته، وأرضه، أبدع الشيء أنشأه لا عن مثال، وكل من أنشأ ما لم يسبق إليه قيل له مبدع. وقوله { وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا } أي أحكمه، وأتقنه. قال الأزهري قضى في اللغة على وجوه مرجعها الى انقطاع الشيء، وتمامه، قيل هو مشترك بين معان، يقال قضى بمعنى خلق، ومنهفَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَـٰوَاتٍ } فصلت 12 وبمعنى أعلم، ومنهوَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِى إِسْرٰءيلَ فِى ٱلْكِتَـٰبِ } الإسراء 4 وبمعنى أمر، ومنهوَقَضَىٰ رَبُّكَ ألا لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إيّاه } الإسراء 23 وبمعنى ألزم، ومنه قضى عليه القاضي، وبمعنى أوفاه، ومنهفَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأجَلَ } القصص 29 وبمعنى أراد ومنهفَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ } غافر 68، والأمر واحد الأمور. وقد ورد في القرآن على أربعة عشر معنى الأوّل الدين، ومنهحَتَّىٰ جَاء ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ } التوبة 48 الثاني بمعنى القول، ومنهفَإِذَا جَاء أَمْرُنَا } المؤمنون 27 الثالث العذاب، ومنه قولهلَمَّا قُضِىَ ٱلأمْرُ } إبراهيم 22 الرابع عيسى، ومنهفَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً } مريم 35 أي أوجد عيسى عليه السلام. الخامس القتل، ومنهفَإِذَا جَـاء أَمْرُ ٱللَّهِ } غافر 78 السادس فتح مكة، ومنهفَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأْتِىَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ } التوبة 24. السابع قتل بني قريظة، وإجلاء النضير، ومنه

السابقالتالي
2 3