الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤـمۤ }

{ الم } قال القرطبي في تفسيره اختلف أهل التأويل في الحروف التي في أوائل السور، فقال الشعبي، وسفيان الثوري، وجماعة من المحدثين هي سرّ الله في القرآن، ولله في كل كتاب من كتبه سرّ، فهي من المتشابه الذي انفرد الله بعلمه، ولا نحبّ أن نتكلم فيها، ولكن نؤمن بها، وتُمَرُّ كما جاءت، وروي هذا القول عن أبي بكر الصديق، وعليّ ابن أبي طالب، قال وذكر أبو الليث السمرقندي عن عمر، وعثمان، وابن مسعود، أنهم قالوا الحروف المقطعة من المكتوم الذي لايفسر، وقال أبو حاتم لم نجد الحروف في القرآن إلا في أوائل السور، ولا ندري ما أراد الله عزّ وجل. وقال جمع من العلماء كثير بل نحبّ أن نتكلم فيها، ونلتمس الفوائد التي تحتها، والمعاني التي تتخرج عليها. واختلفوا في ذلك على أقوال عديدة، فروي عن ابن عباس، وعليّ أيضاً أن الحروف المقطعة في القرآن اسم الله الأعظم إلا أنا لا نعرف تأليفه منها. وقال قُطْرُب، والفراء، وغيرهما هي إشارة إلى حروف الهجاء أعلم الله بها العرب حين تحدّاهم بالقرآن أنه مؤتلف من حروف هي التي بناء كلامهم عليها ليكون عجزهم عنه أبلغ في الحجة عليهم إذ لم يخرج عن كلامهم. قال قطرب كانوا ينفرون عند استماع القرآن، فلما نزل { المۤ، } والمصۤ } الأعراف 1 استنكروا هذا اللفظ، فلما أنصتوا له صلى الله عليه وسلم أقبل عليهم بالقرآن المؤتلف ليثبته في أسماعهم، وآذانهم، ويقيم الحجة عليهم. وقال قوم روي أن المشركين لما أعرضوا عن القرآن بمكة قالواوَقَالُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ } فصلت 26 ــ فأنزلها استغربوها، فيفتحون أسماعهم، فيسمعون القرآن بعدها، فتجب عليهم الحجة. وقال جماعة هي حروف دالة على أسماء أخذت منها، وحذفت بقيتها، كقول ابن عباس، وغيره الألف من الله، واللام من جبريل، والميم من محمد. وذهب إلى هذا الزجاج، فقال وذهبوا إلى أن كل حرف منها يؤدي عن معناه!. وقد تكلمت العرب بالحروف المقطعة كقوله فقلت لها قفى، فقالت قاف أي وقفت. وفي الحديث " من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة " قال شقيق هو أن يقول فقرة في اقتل اق، كما قال صلى الله عليه وسلم " كفى بالسيف شا " أي شافياً، وفي نسخة شاهداً. وقال زيد بن أسلم هي أسماء للسور. وقال الكلبي هي أقسام أقسم الله بها لشرفها وفضلها وهي من أسمائه. ومن أدقّ ما أبرزه المتكلمون في معاني هذه الحروف ما ذكره الزمخشري في الكشاف، فإنه قال وأعلم أنك إذا تأملت ما أورده الله عزّ سلطانه في الفواتح من هذه الأسماء وجدتها نصف أسامي حروف المعجم أربعة عشر سواء وهي الألف، واللام، والميم، والصاد، والراء، والكاف، والهاء، والياء، والعين، والطاء، والسين، والحاء، والقاف، والنون في تسع وعشرين سورة على عدد حروف المعجم، ثم إذا نظرت في هذه الأربعة عشر، وجدتها مشتملة على أنصاف أجناس الحروف.

السابقالتالي
2 3 4 5 6