الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ ٱلْحَقِّ ٱلَّذِي فِيهِ يَمْتُرُونَ } * { مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ } * { وَإِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } * { فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَـٰكِنِ ٱلظَّالِمُونَ ٱلْيَوْمَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ ٱلأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ ٱلأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ }

الإشارة بقوله { ذٰلِكَ } إلى المتصف بالأوصاف السابقة. قال الزجاج ذلك الذي قال إني عبد الله عيسى ابن مريم، لا ما تقوله النصارى من أنه ابن الله وأنه إلٰه. وقرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب { قَوْلَ ٱلْحَقّ } بالنصب. وقرأ الباقون بالرفع. فوجه القراءة الأولى أنه منتصب على المدح، أو على أنه مصدر مؤكد لقال إني عبد الله، قاله الزجاج. ووجه القراءة الثانية أنه نعت لعيسى أي ذلك عيسى ابن مريم قول الحقّ، قاله الكسائي. وسمي قول الحق كما سمي كلمة الله، والحق هو الله عزّ وجلّ. وقال أبو حاتم المعنى هو قول الحق. وقيل التقدير هذا لكلام قول الحق. وهو من باب إضافة الموصوف إلى الصفة مثل حق اليقين. وقيل الإضافة للبيان. وقرىء " قال الحق " وروي ذلك عن ابن مسعود، وقرأ الحسن " قول الحق " بضم القاف، والقول والقول والقال والمقال بمعنى واحد، و { ٱلَّذِي فِيهِ يَمْتُرُونَ } صفة لعيسى أي ذلك عيسى ابن مريم الذي فيه يمترون قول الحق، ومعنى { يمترون } يختلفون، على أنه من المماراة، أو يشكوا على أنه من المرية. وقد وقع الاختلاف في عيسى فقالت اليهود هو ساحر، وقالت النصارى هو ابن الله. { مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ } أي ما صحّ ولا استقام ذلك، فـ " أن " في محل رفع على أنها اسم كان. قال الزجاج " من " في { من ولد } مؤكدة تدلّ على نفي الواحد والجماعة ثم نزّه سبحانه نفسه فقال { سُبْحَـٰنَهُ } أي تنزّه وتقدّس عن مقالتهم هذه، ثم صرح سبحانه بما هو شأنه تعالى سلطانه فقال { إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ } أي إذا قضى أمراً من الأمور فيكون حينئذٍ بلا تأخير. وقد سبق الكلام على هذا مستوفى في البقرة، وفي إيراده في هذا الموضع تبكيت عظيم للنصارى، أي من كان هذا شأنه كيف يتوهم أن يكون له ولد؟ { وَإِنَّ ٱللَّهَ رَبّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ } قرأ أهل المدينة وابن كثير وأبو عمرو بفتح " أن ". وقرأ ابن عامر وأهل الكوفة بكسرها، وهو من تمام كلام عيسى، وقرأ أبيّ " إن الله " بغير واو، قال الخليل وسيبويه في توجيه قراءة النصب بأن المعنى ولأن الله ربي وربكم، وأجاز الفراء أن يكون في موضع خفض عطفاً على الصلاة، وجوز أبو عمرو بن العلاء عطفه على { أمراً }. { هَـٰذَا صِرٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ } أي هذا الذي ذكرته لكم من أنه ربي وربكم، هو الطريق القيم الذي لا اعوجاج فيه ولا يضلّ سالكه. { فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ }.

السابقالتالي
2 3