{ مُخْلِفَ } منتصب على أنه مفعول { تحسبنّ } ، وانتصاب { رسله } على أنه مفعول { وعده } ، قيل وذلك على الاتساع، والمعنى مخلف رسله وعده. قال القتيبي هو من المقدّم الذي يوضحه التأخير. والمؤخر الذي يوضحه التقديم، وسواء في ذلك مخلف وعده رسله، ومخلف رسله وعده، ومثل ما في الآية قول الشاعر
ترى الثور فيها مدخل الظلّ رأسه وسائره باد إلى الشمس أجمع
وقال الزمخشري قدّم الوعد ليعلم أنه لا يخلف الوعد أصلاً كقوله{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } آل عمران 9. ثم قال { رسله } ليؤذن أنه إذا لم يخلف وعده أحداً، وليس من شأنه إخلاف المواعيد، فكيف يخلفه رسله الذين هم خيرته وصفوته. والمراد بالوعد هنا هو ما وعدهم سبحانه بقوله{ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا } غافر 51 و{ كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى } المجادلة 21. وقرىء " مخلف وعدهَ رسِله " بجرّ { رسله } ونصب { وعده }. قال الزمخشري وهذه القراءة في الضعف كمن قرأ{ قتل أولادهم شركائهم } الأنعام 137. { إنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } غالب لا يغالبه أحد { ذُو ٱنتِقَامٍ } ينتقم من أعدائه لأوليائه والجملة تعليل للنهي، وقد مرّ تفسيره في أوّل آل عمران. { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } قال الزجاج انتصاب { يوم } على البدل من { يوم يأتيهم } ، أو على الظرف للانتقام. انتهى. ويجوز أن ينتصب بمقدّر يدل عليه الكلام، أي واذكر، أو وارتقب، والتبديل قد يكون في الذات، كما في بدّلت الدراهم دنانير، وقد يكون في الصفات كما في بدّلت الحلقة خاتماً. والآية تحتمل الأمرين. وقد قيل المراد تغير صفاتها. وبه قال الأكثر، وقيل تغير ذاتها، ومعنى { *والسمٰوات } أي وتبدّل السمٰوات غير السمٰوات على الاختلاف الذي مرّ { وَٱلسَّمَـٰوٰتُ وَبَرَزُواْ للَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } أي برز العباد لله، أو الظالمون كما يفيده السياق، أي ظهروا من قبورهم، أو ظهر من أعمالهم ما كانوا يكتمونه. والتعبير على المستقبل بلفظ الماضي للتنبيه على تحقق وقوعه كما في قوله{ وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ } يس 51، الزمر 68، ق 20 و { الواحد القهار } المتفرد بالألوهية الكثير القهر لمن عانده. { وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِى ٱلأَصْفَادِ } معطوف على { برزوا } أو على { تبدّل } ، والمجيء بالمضارع لاستحضار الصورة، والمجرمون هم المشركون، و { يومئذٍ } يعني يوم القيامة، و { مُقْرِنِينَ } أي مشدودين إما بجعل بعضهم مقروناً مع بعض، أو قرنوا مع الشياطين، كما في قوله{ نُقَيّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } الزخرف 36. أو جعلت أيديهم مقرونة إلى أرجلهم، والأصفاد الأغلال، والقيود. والجار والمجرور متعلق بمقرّنين، أو حال من ضميره. يقال صفدته صفداً، أي قيدته، والاسم الصفد، فإذا أردت التكثير، قلت صَفَّدته. قال عمرو بن كلثوم