الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلْغَافِلِينَ } * { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يٰأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } * { قَالَ يٰبُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

قوله { الر } قد تقدّم الكلام فيه في فاتحة سورة يونس، والإشارة بقوله { تِلْكَ } إلى آيات السورة، و { الكتاب المبين } السورة، أي تلك الآيات التي أنزلت إليك في هذه السورة الظاهر أمرها في إعجاز العرب وتبكيتهم. والمبين من أبان، بمعنى بان، أي الظاهر أمره في كونه من عند الله وفي إعجازه، أو المبين بمعنى الواضح المعنى بحيث لا يلتبس على قارئه وسامعه، أو المبين لما فيه من الأحكام. { إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ } أي الكتاب المبين حال كونه { قُرْءاناً عَرَبِيّاً } ، فعلى تقدير أن الكتاب السورة تكون تسميتها قرآناً باعتبار أن القرآن اسم جنس يقع على الكل، وعلى البعض، وعلى تقدير أن المراد بالكتاب كل القرآن، فتكون تسميته قرآناً واضحة، و { عربياً } صفة لـ { قرآناً } ، أي على لغة العرب، { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } أي لكي تعلموا معانيه، وتفهموا ما فيه. { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } القصص تتبع الشيء، ومنه قوله تعالىوَقَالَتْ لاخْتِهِ قُصّيهِ } القصص 11، أي تتبعي أثره وهو مصدر، والتقدير نحن نقصّ عليك قصصاً أحسن القصص، فيكون بمعنى الاقتصاص، أو بمعنى المفعول، أي المقصوص، { بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } أي بإيحائنا إليك { هَـٰذَا ٱلْقُرْءانُ } وانتصاب القرآن على أنه صفة لاسم الإشارة، أو بدل منه، أو عطف بيان، وأجاز الزجاج الرفع على تقدير مبتدأ، وأجاز الفراء الجرّ، ولعل وجهه أن يقدّر حرف الجرّ في { بما أوحينا } داخلاً على اسم الإشارة، فيكون المعنى نحن نقص عليك أحسن القصص بهذا القرآن، { وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلْغَـٰفِلِينَ } " إن " هي المخففة من الثقيلة بدليل اللام الفارقة بينها وبين النافية، والضمير في { من قبله } عائد على الإيحاء المفهوم من أوحينا، والمعنى أنك قبل إيحائنا إليك من الغافلين عن هذه القصة. واختلف في وجه كون ما في هذه السورة هو أحسن القصص، فقيل لأن ما في هذه السورة من القصص يتضمن من العبر والمواعظ والحكم ما لم يكن في غيرها. وقيل لما فيها من حسن المحاورة، وما كان من يوسف عليه السلام من الصبر على أذاهم وعفوه عنهم، وقيل لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين والملائكة والشياطين والجنّ والإنس والأنعام والطير وسير الملوك والمماليك، والتجار، والعلماء والجهال، والرجال والنساء وحيلهنّ ومكرهنّ. وقيل لأن فيها ذكر الحبيب والمحبوب، وما دار بينهما. وقيل إن { أحسن } هنا بمعنى أعجب. وقيل إن كل من ذكر فيها كان مآله السعادة. قوله { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ } " إذ " منصوب على الظرفية بفعل مقدّر، أي اذكر وقت قال يوسف. قرأ الجمهور { يوسف } بضم السين، وقرأ طلحة بن مصرف بكسرها مع الهمز مكان الواو، وحكى ابن زيد الهمز وفتح السين، وهو غير منصرف للعجمة والعلمية.

السابقالتالي
2 3 4