الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } * { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } * { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } * { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }

قوله { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } الضمير يجوز أن يكون عائداً إلى ما يفهم من السياق لما قدمنا من بيان سبب النزول، وأن المشركين قالوا يا محمد انسب لنا ربك. فيكون مبتدأ، والله مبتدأ ثان. و { أحد } خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأوّل. ويجوز أن يكون { الله } بدلاً من { هو } ، والخبر { أحد }. ويجوز أن يكون الله خبراً أوّلاً، و { أحد } خبراً ثانياً، ويجوز أن يكون { أحد } خبراً لمبتدأ محذوف، أي هو أحد. ويجوز أن يكون { هو } ضمير شأن لأنه موضع تعظيم، والجملة بعده مفسرة له وخبر عنه، والأوّل أولى. قال الزجاج هو كناية عن ذكر الله، والمعنى إن سألتم تبيين نسبته { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }. قيل وهمزة { أحد } بدل من الواو، وأصله واحد. وقال أبو البقاء همزة { أحد } أصل بنفسها غير مقلوبة، وذكر أن أحد يفيد العموم دون واحد. ومما يفيد الفرق بينهما ما قاله الأزهري أنه لا يوصف بالأحدية غير الله تعالى، لا يقال رجل أحد، ولا درهم أحد كما يقال رجل واحد، ودرهم واحد، قيل والواحد يدخل في الأحد، والأحد لا يدخل فيه فإذا قلت لا يقاومه واحد جاز أن يقال لكنه يقاومه اثنان بخلاف قولك لا يقاومه أحد. وفرّق ثعلب بين واحد وبين أحد بأن الواحد يدخل في العدد وأحد لا يدخل فيه. وردّ عليه أبو حيان بأنه يقال أحد وعشرون، ونحوه، فقد دخله العدد، وهذا كما ترى، ومن جملة القائلين بالقلب الخليل. قرأ الجمهور { قل هو الله أحد } بإثبات { قل }. وقرأ عبد الله بن مسعود وأبيّ الله أحد بدون { قل }. وقرأ الأعمش قل هو الله الواحد وقرأ الجمهور بتنوين { أحد } ، وهو الأصل. وقرأ زيد بن عليّ، وأبان بن عثمان، وابن أبي إسحاق، والحسن، وأبو السماك، وأبو عمرو في رواية عنه بحذف التنوين للخفة، كما في قول الشاعر
عمرو الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف   
وقيل إن ترك التنوين لملاقاته لام التعريف، فيكون الترك لأجل الفرار من التقاء الساكنين. ويجاب عنه بأن الفرار من التقاء الساكنين قد حصل مع التنوين بتحريك الأوّل منهما بالكسر { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } الإسم الشريف مبتدأ، و { الصمد } خبره. والصمد هو الذي يصمد إليه في الحاجات، أي يقصد لكونه قادراً على قضائها، فهو فعل بمعنى مفعول كالقبض بمعنى المقبوض لأنه مصمود إليه، أي مقصود إليه، قال الزجاج الصمد السند الذي انتهى إليه السؤدد. فلا سيد فوقه، قال الشاعر
ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد   
وقيل معنى الصمد الدائم الباقي الذي لم يزل ولا يزول. وقيل معنى الصمد ما ذكر بعده من أنه الذي لم يلد ولم يولد.

السابقالتالي
2 3 4