الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } * { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } * { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } * { إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ ٱلْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ }

قوله { الر } إن كان مسروداً على سبيل التعديد كما في سائر فواتح السور فلا محل له، وإن كان اسماً للسورة فهو في محل رفع على أنه مبتدأ خبره ما بعده أو خبر مبتدأ محذوف، و { كِتَابٌ } يكون على هذا الوجه خبراً لمبتدأ محذوف أي هذا كتاب، وكذا على تقدير أن { الر } لا محل له، ويجوز أن يكون { الر } في محل نصب بتقدير فعل يناسب المقام نحو اذكر، أو اقرأ، فيكون { كتاب } على هذا الوجه خبر مبتدأ محذوف، والإشارة في المبتدأ المقدّر إما إلى بعض القرآن أو إلى مجموع القرآن، ومعنى { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُه } صارت محكمة متقنة، لا نقص فيها ولا نقض لها كالبناء المحكم، وقيل معناه إنها لم تنسخ بخلاف التوراة والإنجيل، وعلى هذا فيكون هذا الوصف للكتاب باعتبار الغالب، وهو المحكم الذي لم ينسخ وقيل معناه أحكمت آياته بالأمر والنهي، ثم فصلت بالوعد والوعيد، والثواب والعقاب. وقيل أحكمها الله من الباطل، ثم فصلها بالحلال والحرام. وقيل أحكمت جملته، ثم فصلت آياته. وقيل جمعت في اللوح المحفوظ، ثم فصلت بالوحي. وقيل أيّدت بالحجج القاطعة الدالة على كونها من عند الله وقيل معنى إحكامها أن لا فساد فيها، أخذاً من قولهم أحكمت الدابة إذا وضعت عليها الحكمة لتمنعها من الجماح، و { ثُمَّ فُصّلَتْ } معطوف على { أحكمت } ، ومعناه ما تقدّم، والتراخي المستفاد من " ثم " إما زماني إن فسر التفصيل بالتنجيم على حسب المصالح، وإما رتبيّ إن فسر بغيره مما تقدّم، والجمل في محل رفع على أنها صفة لكتاب، أو خبر آخر للمبتدأ أو خبر لمبتدأ محذوف، وفي قوله { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } لف ونشر، لأن المعنى أحكمها حكيم، وفصلها خبير عالم بمواقع الأمور. قوله { أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ ٱللَّهَ } مفعول له حذف منه اللام كذا في الكشاف، وفيه أنه ليس بفعل لفاعل الفعل المعلل. وقيل " أن " هي المفسرة لما في التفصيل من معنى القول. وقيل هو كلام مبتدأ منقطع عما قبله، محكياً على لسان النبيّ صلى الله عليه وسلم. قال الكسائي والفراء التقدير أحكمت بأن لا تعبدوا إلا الله. وقال الزجاج أحكمت ثم فصلت لئلا تعبدوا إلا الله، ثم أخبرهم رسول الله بأنه نذير وبشير، فقال { إِنَّنِى لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } أي ينذرهم ويخوّفهم من عذابه لمن عصاه، ويبشرهم بالجنة والرضوان لمن أطاعه، والضمير في { منه } راجع إلى الله سبحانه. أي إنني لكم نذير وبشير من جهة الله سبحانه وقيل هو من كلام الله سبحانه كقولهوَيُحَذّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ } آل عمران 28. قوله { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } معطوف على ألا تعبدوا، والكلام في أن هذه كالكلام في التي قبلها.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7