الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ } * { فَذَلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } * { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } * { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ } * { وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ }

الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل من يصلح له. والاستفهام لقصد التعجيب من حال من يكذب بالدين. والرؤية بمعنى المعرفة، والدين الجزاء والحساب في الآخرة. قيل وفي الكلام حذف، والمعنى أرأيت الذي يكذب بالدين أمصيب هو أم مخطىء. قال مقاتل، والكلبي نزلت في العاص بن وائل السهمي. وقال السديّ في الوليد بن المغيرة. وقال الضحاك في عمرو بن عائذ. وقال ابن جريج في أبي سفيان. وقيل في رجل من المنافقين. قرأ الجمهور { أرأيت } بإثبات الهمزة الثانية. وقرأ الكسائي بإسقاطها. قال الزجاج لا يقال في " رأيت " ريت، ولكن ألف الاستفهام سهلت الهمزة ألفاً. وقيل الرؤية هي البصرية، فيتعدّى إلى مفعول واحد، وهو الموصول، أي أبصرت المكذب. وقيل إنها بمعنى أخبرني، فيتعدى إلى اثنين. الثاني محذوف، أي من هو؟ { فَذَلِكَ ٱلَّذِى يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } الفاء جواب شرط مقدّر، أي إن تأملته أو طلبته، فذلك الذي يدعّ اليتيم، ويجوز أن تكون عاطفة على الذي يكذب إما عطف ذات على ذات، أو صفة على صفة. فعلى الأوّل يكون اسم الإشارة مبتدأ، وخبره الموصول بعده، أو خبر لمبتدأ محذوف، أي فهو ذلك، والموصول صفته. وعلى الثاني يكون في محل نصب لعطفه على الموصول الذي هو في محل نصب. ومعنى { يدعّ } يدفع دفعاً بعنف، وجفوة، أي يدفع اليتيم عن حقه دفعاً شديداً، ومنه قوله سبحانهيَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } الطور 13 وقد قدّمنا أنهم كانوا لا يورّثون النساء والصبيان { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } أي لا يحضّ نفسه، ولا أهله، ولا غيرهم على ذلك بخلاً بالمال، أو تكذيباً بالجزاء، وهو مثل قوله في سورة الحاقةوَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } الحاقة 34. { فَوَيْلٌ } يومئذ { لّلْمُصَلّينَ } الفاء جواب لشرط محذوف كأنه قيل إذا كان ما ذكر من عدم المبالاة باليتيم والمسكين، فويل للمصلين { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ } أي عذاب لهم، أو هلاك، أو واد في جهنم لهم، كما سبق الخلاف في معنى الويل، ومعنى ساهون غافلون غير مبالين بها، ويجوز أن تكون الفاء لترتيب الدعاء عليهم بالويل على ما ذكر من قبائحهم، ووضع المصلين موضع ضميرهم للتوصل بذلك إلى بيان أن لهم قبائح أخر غير ما ذكر. قال الواحدي نزلت في المنافقين الذين لا يرجون بصلاتهم ثواباً إن صلوا، ولا يخافون عليها عقاباً إن تركوا، فهم عنها غافلون حتى يذهب وقتها، وإذا كانوا مع المؤمنين صلوا رياء، وإذا لم يكونوا معهم لم يصلوا، وهو معنى قوله { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَاءونَ } أي يراءون الناس بصلاتهم إن صلوا، أو يراءون الناس بكل ما عملوه من أعمال البرّ ليثنوا عليهم.

السابقالتالي
2 3