الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } * { ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ } * { يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } * { كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ } * { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ } * { ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ } * { إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ } * { فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ }

الويل هو مرتفع على الابتداء، وسوّغ الابتداء به مع كونه نكرة كونه دعاء عليهم، وخبره { لّكُلّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } والمعنى خزي، أو عذاب، أو هلكة أو واد في جهنم لكل همزة لمزة. قال أبو عبيدة، والزجاج الهمزة اللمزة الذي يغتاب الناس، وعلى هذا هما بمعنى وقال أبو العالية، والحسن، ومجاهد، وعطاء بن أبي رباح الهمزة الذي يغتاب الرجل في وجهه، واللمزة الذي يغتابه من خلفه. وقال قتادة عكس هذا. وروي عن قتادة، ومجاهد أيضاً أن الهمزة الذي يغتاب الناس في أنسابهم. وروي عن مجاهد أيضاً أن الهمزة الذي يهمز الناس بيده. واللمزة الذي يلمزهم بلسانه. وقال سفيان الثوري يهمزهم بلسانه، ويلمزهم بعينه. وقال ابن كيسان الهمزة الذي يؤذي جلساءه بسوء اللفظ، واللمزة الذي يكسر عينه على جليسه، ويشير بيده وبرأسه وبحاجبه، والأوّل أولى، ومنه قول زياد الأعجم
تدلي بودّي إذا لاقيتني كذبا وإن أغيب فأنت الهامز اللمزه   
وقول الآخر
إذا لقيتك عن سخط تكاشرني وإن تغيبت كنت الهامز اللمزه   
وأصل الهمز الكسر. يقال همز رأسه كسره، ومنه قول العجاج
ومن همزنا رأسه تهشما   
وقيل أصل الهمز واللمز الضرب والدفع. يقال همزه يهمزه همزاً، ولمزه يلمزه لمزاً إذا دفعه وضربه، ومنه قول الشاعر
ومن همزنا عزه تبركعا على أسته زوبعة أو زوبعا   
البركعة القيام على أربع. يقال بركعه، فتبركع، أي صرعه، فوقع على أسته. كذا في الصحاح، وبناء فعلة يدلّ على الكثرة، ففيه دلالة على أنه يفعل ذلك كثيراً، وأنه قد صار ذلك عادة له، ومثله ضحكة ولعنة. قرأ الجمهور { همزة لمزة } بضم أوّلهما، وفتح الميم فيهما. وقرأ الباقر، والأعرج بسكون الميم فيهما. وقرأ أبو وائل، والنخعي، والأعمش ويل للهمزة اللمزة والآية تعمّ كلّ من كان متصفاً بذلك، ولا ينافيه نزولها عل سبب خاص، فإن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. { ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ } الموصول بدل من كلّ، أو في محل نصب على الذمّ، وهذا أرجح لأن البدل يستلزم أن يكون المبدل منه في حكم الطرح، وإنما وصفه سبحانه بهذا الوصف لأنه يجري مجرى السبب، والعلة في الهمز واللمز، وهو إعجابه بما جمع من المال، وظنه أنه الفضل، فلأجل ذلك يستقصر غيره. قرأ الجمهور { جمع } مخففاً. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي بالتشديد. وقرأ الجمهور { وعدّده } بالتشديد. وقرأ الحسن، والكلبي، ونصر بن عاصم، وأبو العالية بالتخفيف، والتشديد في الكلمتين يدلّ على التكثير وهو جمع الشيء بعد الشيء، وتعديده مرّة بعد أخرى. قال الفراء معنى { عدّده } أحصاه. وقال الزجاج وعدّده لنوائب الدّهور. يقال أعددت الشيء وعددته إذا أمسكته. قال السديّ أحصى عدده.

السابقالتالي
2 3