الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } * { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } * { ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } * { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } * { فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } * { إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } * { فَإِذَا فَرَغْتَ فَٱنصَبْ } * { وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَبْ }

يقول تعالى { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } يعني أما شرحنا لك صدرك؟ أي نورناه، وجعلناه فسيحاً رحيباً واسعاً كقولهفَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَـٰمِ } الأنعام 125 وكما شرح الله صدره، كذلك جعل شرعه فسيحاً واسعاً سمحاً سهلاً، لا حرج فيه ولا إصر ولا ضيق. وقيل المراد بقوله { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } شرح صدره ليلة الإسراء كما تقدم من رواية مالك بن صعصعة، وقد أورده الترمذي ههنا، وهذا وإن كان واقعاً ليلة الإسراء كما رواه مالك بن صعصعة، ولكن لا منافاة فإن من جملة شرح صدره، الذي فعل بصدره ليلة الإسراء، وما نشأ عنه من الشرح المعنوي أيضاً، فالله أعلم. قال عبد الله بن الإمام أحمد حدثني محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا معاذ بن محمد بن معاذ بن أبي بن كعب، حدثني أبو محمد بن معاذ عن معاذ عن محمد عن أبي بن كعب أن أبا هريرة كان جريئاً على أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء لا يسأله عنها غيره، فقال يا رسول الله ما أول ما رأيت من أمر النبوة؟ فاستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً، وقال " لقد سألت يا أبا هريرة إني لفي الصحراء ابن عشر سنين وأشهر، وإذا بكلام فوق رأسي، وإذا رجل يقول لرجل أهو هو؟ قال نعم، فاستقبلاني بوجوه لم أرها قط، وأرواح لم أجدها من خلق قط، وثياب لم أرها على أحد قط، فأقبلا إلي يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي، لا أجد لأحدهما مساً، فقال أحدهما لصاحبه أضجعه، فأضجعاني بلا قصر ولا هصر، فقال أحدهما لصاحبه افلق صدره، فهوى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دم ولا وجع، فقال له أخرج الغل والحسد، فأخرج شيئاً كهيئة العلقة، ثم نبذها فطرحها، فقال له أدخل الرأفة والرحمة، فإذا مثل الذي أخرج شبه الفضة، ثم هز إبهام رجلي اليمنى فقال أعدُ واسلم، فرجعت بها أعدو رقة على الصغير، ورحمة للكبير ". وقوله تعالى { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } بمعنىلِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } الفتح 2 { ٱلَّذِىۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } الإنقاض الصوت، وقال غير واحد من السلف في قوله { ٱلَّذِىۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } أي أثقلك حمله، وقوله تعالى { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } قال مجاهد لا أذكر إلا ذكرت معي أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، وقال قتادة رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

السابقالتالي
2 3 4