الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } * { وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } * { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } * { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ } * { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ } * { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } * { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ } * { وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ } * { وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ } * { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ } * { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ }

قال الإمام أحمد حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا شعبة عن المغيرة عن إبراهيم، عن علقمة أنه قدم الشام، فدخل مسجد دمشق، فصلى فيه ركعتين وقال اللهم ارزقني جليساً صالحاً، قال فجلس إلى أبي الدرداء، فقال له أبو الدرداء ممن أنت؟ قال من أهل الكوفة، قال كيف سمعت ابن أم عبد يقرأ { وَٱلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } قال علقمة { ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } فقال أبو الدرداء لقد سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما زال هؤلاء حتى شككوني، ثم قال ألم يكن فيكم صاحب السواد وصاحب السر الذي لا يعلمه أحد غيره، والذي أجير من الشيطان على لسان محمد صلى الله عليه وسلم؟ وقد رواه البخاري ههنا ومسلم من طريق الأعمش عن إبراهيم قال قدم أصحاب عبد الله على أبي الدرداء، فطلبهم فوجدهم، فقال أيكم يقرأ عليّ قراءة عبد الله؟ قالوا كلنا، قال أيكم أحفظ؟ فأشاروا إلى علقمة، فقال كيف سمعته يقرأ { وَٱلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ }؟ قال والذكر والأنثى قال أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هكذا، وهؤلاء يريدوني أن أقرأ { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } والله لا أتابعهم، هذا لفظ البخاري. وهكذا قرأ ذلك ابن مسعود وأبو الدرداء، ورفعه أبو الدرداء، وأما الجمهور، فقرؤوا ذلك كما هو المثبت في المصحف الإمام العثماني في سائر الآفاق { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } فأقسم تعالى بـ { وَٱلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } أي إذا غشى الخليقة بظلامه، { وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } أي بضيائه وإشراقه. { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } كقوله تعالىوَخَلَقْنَـٰكُمْ أَزْوَٰجاً } النبأ 8 وكقولهوَمِن كُلِّ شَىْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } الذاريات 49 ولما كان القسم بهذه الأشياء المتضادة، كان المقسم عليه أيضاً متضاداً، ولهذا قال تعالى { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ } أي أعمال العباد التي اكتسبوها متضادة أيضاً ومتخالفة، فمن فاعل خيراً، ومن فاعل شراً. قال الله تعالى { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ } أي أعطى ما أمر بإخراجه، واتقى الله في أموره، { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } أي بالمجازاة على ذلك، قاله قتادة، وقال خصيف بالثواب وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وأبو صالح وزيد بن أسلم { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } أي بالخلف. وقال أبو عبد الرحمن السلمي والضحاك { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } أي بلا إله إلا الله. وفي رواية عن عكرمة { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } أي بما أنعم الله عليه، وفي رواية عن زيد بن أسلم { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } قال الصلاة والزكاة والصوم. وقال مرة وصدقة الفطر. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة، حدثنا صفوان بن صالح الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا زهير بن محمد، حدثني من سمع أبا العالية الرياحي يحدث عن أبي بن كعب قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسنى قال

السابقالتالي
2 3 4 5