الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ } * { وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ } * { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } * { لاَ يَصْلَٰهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى } * { ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى } * { ٱلَّذِى يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ } * { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ } * { إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ } * { وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ }

قال قتادة { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ } أي نبين الحلال والحرام، وقال غيره من سلك طريق الهدى، وصل إلى الله، وجعله كقوله تعالىوَعَلَى ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ } النحل 9 حكاه ابن جرير، وقوله تعالى { وَإِنَّ لَنَا لَلأَخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ } أي الجميع ملكنا، وأنا المتصرف فيهما. وقوله تعالى { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } قال مجاهد أي توهج. قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن سماك بن حرب، سمعت النعمان بن بشير يخطب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول " أنذرتكم النار " حتى لو أن رجلاً كان بالسوق، لسمعه من مقامي هذا، قال حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه. وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر، حدثني شعبة، حدثني أبو إسحاق، سمعت النعمان بن بشير يخطب ويقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة رجل توضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه " رواه البخاري. وقال مسلم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن أبي إسحاق عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل، ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً، وإنه لأهونهم عذاباً " وقوله تعالى { لاَ يَصْلَـٰهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى } أي لا يدخلها دخولاً يحيط به من جميع جوانبه إلا الأشقى، ثم فسره فقال { ٱلَّذِى كَذَّبَ } أي بقلبه { وَتَوَلَّىٰ } أي عن العمل بجوارحه وأركانه. قال الإمام أحمد حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا عبد ربه بن سعيد عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يدخل النار إلا شقي " قيل ومن الشقي؟ قال " الذي لا يعمل بطاعة، ولا يترك لله معصية ". وقال الإمام أحمد حدثنا يونس وسريج قالا حدثنا فليح عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل أمتي تدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى " قالوا ومن يأبى يا رسول الله؟ قال " من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى " رواه البخاري عن محمد بن سنان عن فليح به. وقوله تعالى { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى } أي وسيزحزح عن النار التقي النقي، ثم فسره بقوله { ٱلَّذِى يُؤْتِى مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ } أي يصرف ماله في طاعة ربه ليزكي نفسه وماله وما وهبه الله من دين ودنيا { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ } أي ليس بذله ماله في مكافأة من أسدى إليه معروفاً، فهو يعطي في مقابلة ذلك، وإنما دفعه ذلك { ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ } أي طمعاً في أن يحصل له رؤيته في الدار الآخرة في روضات الجنات.

السابقالتالي
2