الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا } * { وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا } * { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا } * { وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } * { وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا } * { وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا } * { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } * { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } * { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } * { وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا }

قال مجاهد { وَٱلشَّمْسِ وَضُحَـٰهَا } أي وضوئها. وقال قتادة { وَضُحَـٰهَا } النهار كله. قال ابن جرير والصواب أن يقال أقسم الله بالشمس ونهارها لأن ضوء الشمس الظاهر هو النهار { وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلـٰهَا } قال مجاهد تبعها، وقال العوفي عن ابن عباس { وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلـٰهَا } قال يتلو النهار، وقال قتادة إذا تلاها ليلة الهلال، إذا سقطت الشمس، رؤي الهلال، وقال ابن زيد هو يتلوها في النصف الأول من الشهر، ثم هي تتلوه، وهو يتقدمها في النصف الأخير من الشهر، وقال مالك عن زيد بن أسلم إذا تلاها ليلة القدر. وقوله تعالى { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّـٰهَا } قال مجاهد أضاء. وقال قتادة { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّـٰهَا } إذا غشيها النهار، وقال ابن جرير وكان بعض أهل العربية يتأول ذلك بمعنى والنهار إذا جلا الظلمة لدلالة الكلام عليها. قلت ولو أن هذا القائل تأول ذلك بمعنى { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّـٰهَا } أي البسيطة، لكان أولى، ولصح تأويله في قوله تعالى { وَٱلَّيْلِ إِذَا يَغْشَـٰهَا } فكان أجود وأقوى، والله أعلم. ولهذا قال مجاهد { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّـٰهَا } إنه كقوله تعالىوَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } الليل 2 وأما ابن جرير فاختار عود الضمير في ذلك كله على الشمس لجريان ذكرها، وقالوا في قوله تعالى { وَٱلَّيْلِ إِذَا يَغْشَـٰهَا } يعني إذا يغشى الشمس حين تغيب، فتظلم الآفاق. وقال بقية بن الوليد عن صفوان حدثني يزيد بن ذي حمامة قال إذا جاء الليل، قال الرب جل جلاله غشى عبادي خلقي العظيم، فالليل يهابه، والذي خلقه أحق أن يهاب. رواه ابن أبي حاتم، وقوله تعالى { وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَـٰهَا } يحتمل أن تكون ما ههنا مصدرية بمعنى والسماء وبنائها، وهو قول قتادة، ويحتمل أن تكون بمعنى من يعني والسماء وبانيها، وهو قول مجاهد، وكلاهما متلازم، والبناء هو الرفع كقوله تعالىوَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَـٰهَا بِأَيْدٍ } ــــ أي بقوة ــــوَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } الذاريات 47 ــــ 48 وهكذا قوله تعالى { وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا } قال مجاهد طحاها دحاها، وقال العوفي عن ابن عباس { وَمَا طَحَـٰهَا } أي خلق فيها. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { طَحَاهَا } قسمها. وقال مجاهد وقتادة والضحاك والسدي والثوري وأبو صالح وابن زيد { طَحَـٰهَا } بسطها، وهذا أشهر الأقوال، وعليه الأكثر من المفسرين، وهو المعروف عند أهل اللغة، قال الجوهري طحوته مثل دحوته، أي بسطته. وقوله تعالى { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } أي خلقها سوية مستقيمة على الفطرة القويمة كما قال تعالىفَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ } الروم 30 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟ "

السابقالتالي
2 3